وروى عن الريان عن الرضا عليهالسلام ، قال :
«ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر» (١)
وقد تقدم في بحث الإعجاز تحريم الخمر في التوراة (٢) ، ولكن الشيء الذي لا يشك فيه أن الشريعة الإسلامية لم تجهر بحرمة الخمر برهة من الزمن ، ثم جهرت بها بعد ذلك ، وهذا هو حال الشريعة المقدسة في جميع الأحكام. ومن البيّن أنه ليس معنى ذلك أن الخمر كان مباحا في الشريعة ثم نسخت حرمته.
٣٠ ـ (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) «٢٤ : ٣».
فعن سعيد بن المسيب ، وأكثر العلماء أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ...) «٢٤ : ٣٢».
فدخلت الزانية في أيامى المسلمين (٣).
والحق : أن الآية غير منسوخة ، فإن النسخ فيها يتوقف على أن يكون المراد من لفظ النكاح هو التزويج ، ولا دليل يثبت ذلك. على أن ذلك يستلزم القول بإباحة نكاح المسلم الزاني المشركة ، وبإباحة نكاح المشرك المسلمة الزانية ، وهذا مناف لظاهر الكتاب العزيز ، ولما ثبت من سيرة المسلمين ، وإذن فالظاهر أن المراد من النكاح في الآية هو الوطء ، والجملة خبرية قصد بها الاهتمام بأمر الزنا. ومعنى
__________________
(١) الوسائل : ٥ / ٣٢٠ ، باب ١١ ، رقم الحديث : ٦٦٧٠.
(٢) تقدم ذلك في ص ٥٨ من هذا الكتاب.
(٣) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ١٩٣.