وعلى ذلك فالمستفاد من الآية الكريمة أن القاتل يجب عليه أن يخضع لحكم القصاص إذا طالبه ولي الدم بذلك ، ومن الواضح أن هذا الحكم إنما يكون في قتل الرجل رجلا ، أو قتل المرأة رجلا أو امرأة ، فإن الرجل إذ قتل امرأة لا يجب عليه الانقياد للقصاص بمجرد المطالبة ، وله الامتناع حتى يأخذ نصف ديته ، ولا يأخذه الحاكم بالقصاص قبل ذلك.
وبتعبير آخر : تدل الآية المباركة على أن بدل الأنثى هي الأنثى ، فلا يكون الرجل بدلا عنها ، وعليه فلا نسخ في مدلول الآية ، نعم ثبت من دليل خارجي أن الرجل القاتل يجب عليه أن ينقاد للقصاص حين يدفع ولي المرأة المقتولة نصف ديته ، فيكون الرجل بدلا عن مجموع الأنثى ونصف الدية ، وهو حكم آخر لا يمس بالحكم الأول المستفاد من الآية الكريمة ، وأين هذا من النسخ الذي يدعيه القائلون به.
وجملة القول : أن ثبوت النسخ في الآية يتوقف على إثبات وجوب الانقياد على القاتل بمجرد مطالبة ولي المرأة بالقصاص ، كما عليه الجمهور. وأنى لهم إثباته؟ فإنهم قد يتمسكون لإثباته بإطلاق الآية الثانية على ما صرحوا به في كلماتهم ، وبعموم قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «المسلمون تتكافأ دماؤهم» وقد عرفت ما فيه.
وقد يتمسكون لإثبات ذلك بما رووه عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أن عمر قتل نفرا من أهل صنعاء بامرأة وقادهم بها.
وعن ليث ، عن ، الحكم ، عن علي وعبد الله قالا : «إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود».
وعن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده أن