المشكك ، وقد يكون بحيث يزول ، أي كيف يجادلونه فيما رآه على وجه لا شك فيه انتهى ، الشك من صفة الناظر والتشكيك من صفة المناظر ، فإن قلت : هلا قيل : على ما أرى ، فهو أبلغ لأنهم إذا وبخوا على المماراة فيما معنى وانقطع فأحرى أن يوبخوا [٧١ / ٣٥٠] على إنكار ما هو حاضر حالي مشاهد له بخلاف العكس ، ومع أن القضية ماضية ، فالجواب : إنه قصد في الآية الإيماء إلى القياس الخفي على الجلي ، وهو أن جعلت رؤية النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لذلك ، وهو ماضي كرؤيته شيء مشاهد محقق فيه فمماراتهم فيه كالمماراة فيما هو مشاهد في الحال ، فأنكر عليهم المماراة في رؤيته الحاضرة ، إشارة إلى ذلك ، وكأنه قيل : رؤيته الخفي الماضي كرؤيته الجلي الحاضر ، فالمماراة فيه تستلزم المماراة فيما حاضر ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
فإن قلت : أو يجاب بأنه إشارة إلى ما ذكروا في القصة من أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم كشف بصره ، فرأى بيت المقدس ، فكان يخبرهم بصفاته ، وأحواله فيخبرهم حالة الرؤية ، قيل ذلك : احتجاج منه وترجيح لصحة ما أخبرهم به من رؤية جبريل أو عمره لا أنه هو عين ما أخبرهم به ، أو يجاب بأنه للتصوير.
قوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى).
أن كان المرئي جبريل فواضح ، وأن كان الله تعالى فالعندية راجعة للرائي لا للمرئي ، وانتقد القرافي على الفخر ابن الخطيب في تسمية كتابه الحصول ، لأن فعله لا يتعدى إلا بحرف جر ، ومثله ... (١) ينبغي منه أسم المفعول إلا مصحوبا بالمجرور ، فكان يقول المحصول فيه وجوابه أن ذلك في نظر الكلام ، وأما في التسمية فيجوز لأنه يصح تسمية الإنسان ببعض الاسم ، فأحرى أن يسمى باسم المفعول غير مصحوب بحرف الجر ، كما سميت هذه الشجرة سدرة المنتهى ، ولم يقل المنتهى إليها.
قوله تعالى : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ).
ولم يقل : إذ يغشاها لئلا يتوهم عود الضمير إلى الجنة ، ولأن البناء الظاهر لفخامته.
قوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.