قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ).
احتراس وإشارة إلى أن التحليف في الإمتحان ، وإنه ليس المطلوب منكم غاية الامتحان لتعلموا إلى العلم بذلك ، بل المراد مطلق الامتحان ليحصل لكم الظن القوي.
قوله تعالى : (بِإِيمانِهِنَ).
وأما العلم فخاص بالله عزوجل ، وهو منا بمعنى الظن.
قوله (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ، إن قلت : يلزم من عدم حليتهن لهم عكسه فما سن التصريح بالعكس ، فالجواب : أنه لو لم يصرح بالعكس لفهم صدر الآية ، أنه يجري مجرى الضرورة المثالية ، أنها لا تعكس كيفها كما دلتها فتنعكس مثلا إلى الدائمة ، فتبين أنها تنعكس في الجهة ضرورية ، وكان الشيخ أبو العباس ابن إدريس يقول : يؤخذ من قوله (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ، أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، وإلا لم يكن لذكره بعد قوله (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ) ، فائدة لأنه يغني عنه.
قوله تعالى : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ).
أي إذا ارتدت منكم امرأة ، وهربت إلى الكفار ، فاطلبوا من الكفار أن يدفعوا لزوجها مهرها.
قوله (وَلْيَسْئَلُوا ما) أنفقتم إذا ارتدت من الكفار امرأة إليكم ، فادفعوا أنتم لزوجها مهرها ، والأمر بسؤال الكفار من المؤمنين نفقة إذ راجعهم ظاهر ، لأنه جزاء لسببه ، وتقدم ذكره في الآية لقوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) ، وأما أمرنا نحن بأن تطلب الكفار صفة من هربت منا إليهم ، فلم يجر له سبب ، لكنه ذكر باللزوم فحقه أن كان مؤخرا ، فيقال (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) أو (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) لكن إنما قدم لأنه أهم ، إذ هو راجع للمؤمنين في أخذهم مهر وجاءتهم ، والأخذ راجع لانتفاء الكفار لا سيما ، إن قلنا : إنهم مخاطبون بفروع الشريعة ، وهذا الأمر ليس للوجوب لأنه بلفظ السؤال ، فدل على ضعفه ، وهو للإباحة أو الندب ، فإن قلت : يؤخذ من الإباحة عدم المتابعة في الذنوب ، لأن غاية السؤالين قبض المسئول ، قلت : لا يلزم من السؤال حصول القبض هنا ، الذي هو مناف للمقاصد ، ولما عرف عياض في المدارك بأبي محمد عبد الله بن السماك قال : قال الداوودي : كان ابن السماك إذا سئل عن غيره ، هل يقول هو مؤمن عند الله أو يسكت ، فقال : يقول : هو مؤمن عند الله ، ووافقه جماعة من القرويين ، وخالفه ابن أبي زيد ، وأكثر علماء القيروان ، وقالوا : إنما يقال :