ينقلون عن ذلك الظن ، بل لا يزالون ظانين ، ومنهم من أجاب : بأن تنكيره وتنوينه يفيد التعليل.
قال : وفي الآية اللف والنشر ، فقولهم : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) ، [٦٧ / ٣٢٩] راجع لقوله تعالى : (وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) ، وقوله تعالى : (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) راجع لقوله تعالى : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) قال : والعطف يدل أنه لم يجعل لنا منها إلا الظن ، بل لم يجعل إلا لنا عدم اليقين الذي هو أعم من الظن والشك.
قوله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا).
إما مصدرية أو موصولة ، وكان بعضهم يرجح لكونها موصولة ، لأن إضافة الأثر إلى المفعول وهو المؤثر بعد إضافته إلى الفعل ، فإذا أبدت لهم سيئات الشيء الذي عملوا فأحرى أن تبدو لهم سيئات عملهم ، وإن كان أحدها يستلزم الآخر.
قال : وفي الآية حسن الائتلاف ، فاقتران به سيئات عملهم ، واقتران حاق يستهزؤون ، لأن البدأ عبارة عن أول ما يظهر من الشيء ، و (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) يقتضي مطلق الذنوب الناشئة عن مطلق ما اتصفوا به من العمل ، والاستهزاء عبارة عن شدة ما اتصفوا به من القبيح والحوق الإحاطة ، قلت : ومنه قولهم : الطائفة محوقة بهذا الرقم ففرق الأشد بالأشد والأحق بالأحق.
قوله تعالى : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ).
قال ابن عرفة : ذكروا في المجاز أنه لا بد له من علاقة ، وإن علاقة ترجح الحمل على المجاز مع جواز الحمل على الحقيقة ، قالوا : وقد تكون العلاقة توجب الحمل على المجاز مع جواز تحريم الحمل على الحقيقة ، ويسمى هذا عندهم الدال البرهاني ، ومنه هذه الآية لأن النسيان بمعنى الذهول فيستحيل على الله تعالى ففسر هنا بمعنى الترك ، واقترانه باليوم يمنع حمله على الحقيقة لاستحالة نسيان الأمر الحالي إذ هو مرئي ومشاهد ، وإنما نسى الغائب والكاف في قوله تعالى : (كَما نَسِيتُمْ) للتعليل ، مثل : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) [سورة القصص : ٧٧].