ظاهره أن العاقر واحد ، وفي سورة الشعراء (فَعَقَرُوها) [سورة الشعراء : ١٥٧] ، فأسند الفعل للجميع ، والجواب : أن المباشر واحد ، وسائرهم معين له ، وفاعل السبب فكان جميعهم فاعل لذلك.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ).
الأصل تعدي كذب إلى المكذب بنفسه ، فيقال : كذبت زيدا بالنذر جمع إنذار ، الذي هو المصدر لا جمع نذيرا ، ويكون من باب انحناء للكل.
قوله تعالى : (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً).
وفي الذاريات (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً)(١) [سورة الذاريات : ٣٣] ، والجمع بينهما بما أجاب الزمخشري : في قوله تعالى : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ) [سورة الأعراف : ١٠٧] ، وفي آية أخرى (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) [سورة طه : ٢٠] ، قال : شبهها بالحية لسرعة حركتها ، وبالثعبان في كبر جرمها ، وكذا هنا عبر بالحجارة لكبر جرمها ، والحصباء لتزامنها وتداخلها ، لأن الحجارة الكبيرة لا تهبط متزامنة ، كما تهبط الحصباء.
قوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ).
استثناهم من المرسل عليهم ، ولم يستثنهم من قوم لوط ، الجواب : أن ذلك متلازم ، فإن تكذيبهم في سبب إرسال الحاصب عليهم ، ولما أخرجوا من المرسل عليهم الحاصل بسبب وصف التكذيب تضمن إخراجهم معا ، أي من المكذبين والمعذبين ، وذكر أبو أحيان وجهين في اتصال الاستثناء وانفصاله ، فإن جعلناه مخرجا من قوم من ضمير عليهم جاء الاتصال ، وقال بعضهم : هو منفصل ، وإن كان على تقدير اتصاله ، الزمخشري : لأن هؤلاء ليسوا مشاركين لهم في الوصف ، فكأنهم جنس آخر فهو منفصل ، وإن كان على تقدير اتصاله ، الزمخشري : يحتمل الاستثناء الاتصال ، والمراد أنه أرسل على جميعهم العذاب فأهلك الكافرون ، وبقي آل لوط ، ويحتمل الانفصال ، والمراد أنه أرسل على هؤلاء حالة انفصال المؤمنين عنهم انتهى ، جعل الاتصال والانفصال راجعين إلى الدخول في معنى العامل ، وعندهم راجح إلى
__________________
(١) وردت في المخطوطة في سورة هود أرسلنا عليهم حجارة ووردت في المصحف في سورة الذاريات : لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً ، وقد أثبتنا ما ورد في المصحف.