الأمة فلها سعي غيرها انتهى ، يرد بأن الأول خبرا والخبر لا ينسخ ، كما رد ابن عطية قول ابن عباس : أنها منسوخة ، بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) [سورة الطور : ٢١] ، الآية وهذا عام باق على عمومه ، فإن قلت : هو مخصوص بالعاقلة ، لا تحمل الدية وهي ناشئة عن الوزر ، قلت : لا وزر فيها ، لأنها إنما تجب على قتل الخطأ ، وقد جاء في الحديث" رفع عن أمتي خطأها ونسيانها" ، فإن قلت : على القول بأن الآية نزلت في عثمان مع عبد الله ابن أبي سرح رضي الله عنه قبل إسلام عبد الله ، كيف صح الاستدلال بها مع وجود الخلاف في شرع من قبلنا ، هو شرع لنا أم لا؟ فالجواب من وجهين :
الأول : أنه أنكر على عثمان إتباعه لعبد الله بن أبي سرح في أمر هو باطل في شريعتهم.
الثاني : أن الأصل عدم النسخ ، وأن شرع من قبلنا شرع لنا ، حتى يرد ما ينسخه ووزر وأخرى مفعول لا مصدر لئلا يلزم عليه تحصيل الحاصل ، إذ لا يصح أن يقال : لا تقوم قيام زيدا ، ولا يقوم أحد قيام أحد ، ولا يفعل أحد فعل أحد ، فالمعنى أن ذنب كل واحد لا يحمله عنه غيره ، وأن لا تزر جعلوه مبتدأ مضمر ، أي هو أن لا تزر ، والظاهر أنه مبتدأ أو خبره مجرور ، وتقديره منه أن لا تزر لأن ذلك ليس هو كل ما في صحف موسى بل بعضه ، فيحتاج أن يكون عاما مخصوصا ، أو عموما على جهة المجاز ، وعلى ما قلناه لا يحتاج إلى ذلك ، الزمخشري : فإن قلت : أما صح في الأخبار الصدقة عن الميت ، والحج عنه وله ثوابه ، قلت : فيه جوابان :
أحدهما : أن يسعى غيره لما لا ينفعه إلا على سعي نفسه ، وهو أن يكون مؤمنا صالحا ، ولذلك الثواب كان سعي غيره كأنه سعي نفسه ، لكونه تسبب في ذلك بالإيمان.
الثاني : أن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ، ولكن إذا نواه به فهو محكم الشرع كالنائب عنه ، والوكيل القائم مقامه انتهى ، الأول : حسن ، والثاني : غير صحيح ، لأنه إذا تصدق ونوى به الغير.
قوله تعالى : (سَوْفَ يُرى).
الفاعل المحذوف ، إما ضمير عائد إلى الله تعالى ، أو على الإنسان ، فإن قلت : على أنه الإنسان يحتاج إلى إضمار مضاف إلى سوف يرى ، هو آخر سعيه ، قلت : لا يحتاج لهذا إلا على مذهب المعتزلة ، وأما على مذهب أهل السنة ، فهو يرى سعيه