قريش بعد اليوم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن ألقى السّلاح فهو آمن» ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة ـ يعني : دخلوا فيها ـ قال : فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى طاف بالبيت فجعل يمرّ بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) حتّى إذا فرغ وصلّى جاء فأخذ بعضادتي الباب ، ثمّ قال : «يا معشر قريش ، ما تقولون؟» قالوا : نقول ابن أخ وابن عمّ رحيم كريم ، ثمّ (١) عاد عليهم القول ، قالوا : مثل ذلك. قال : «فإنّي أقول كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف : ٩٢] فخرجوا ، فبايعوه على الإسلام ، ثمّ أتى الصّفا لميعاد / الأنصار ، فقام على الصّفا على مكان يرى البيت منه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر نصره إيّاه ، فقالت الأنصار ـ وهم أسفل منه : أمّا الرّجل فقد أدركته رأفة لقرابته ، ورغبته في عشيرته. فجاءه الوحي بذلك. قال أبو هريرة : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا جاءه الوحي لم يستطع أحد منّا يرفع طرفه إليه حتّى ينقضي
__________________
(١) في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي : «رحيم كريم أعاد عليهم».
__________________
ـ قوله : صناديد قريش : أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم.
قوله : بعضادتي الباب الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله.
قوله : بسية القوس : ما عطف من طرفيها ، وللقوس سيتان.
قوله : طرفه : المراد عينه. ـ