أحد ، ولعله مقصده كان ذلك ، وإن قصرت العبارة عن مراده. خاصة وأن الذهبي رحمهالله قرر بإسهاب في حديثه عن الإسرائيليات أن الصحابة لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء ، ولم يقبلوا منهم كل شيء ، وأن الصحابة توقفوا فيما سمعوه منهم ، وأنهم لم يسألوا أهل الكتاب عن أشياء كانت مدعاة للهو والعبث ؛ كعدد ألواح سفينة نوح .... وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم لا يصدقون اليهود فيما يخالف الشريعة أو يتنافي مع العقيدة (١) ولكن المشكلة أن الذين نقلوا عن الذهبي في مؤلفاتهم الحديثة صرحوا بأن الإسرائيليات مصدر رابع.
استغل المستشرقون مثل هذه الكتابات وجعلوها مستندهم فيما أشاعوه من أن مصدر الفكر الإسلامي أو المتمم له على الأقل هو التوراة والإنجيل ، لذا لم يجد الصحابة بدّا من الرجوع إلى جذور هذا الفكر برجوعهم إلى الإسرائيليات في منهج التفسير : فيرجع القارئ إلى عشرات التّرهات التي أوردها تسيهر (٢) إذ قال : (إن ابن عباس اعتبر مصادر العلم المفضلة لديه : اليهوديّين اللّذين اعتنقا الإسلام وهما كعب الأحبار وعبد الله بن سلام) (٣) كما ادعى تسيهر أيضا : (أن ابن عباس كان يسأل كعب الأحبار عن التفسير الصحيح للتعبيرين القرآنيين : أم الكتاب ، والمرجان) (٤).
__________________
(١) التفسير والمفسرون (١ / ٧٠ ـ ٨٣ ، ١٦٥ ـ ١٩٠).
(٢) مذاهب التفسير الإسلامى (٧٣ ـ ٩٥).
(٣ ، ٤) نفس المصدر.