الاختلاف فيه ؛ لاختلاف قول (١) كان من الكفرة لرسول الله ؛ منهم من يقول : [(إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) [النحل : ١٠٣] فهو تأويل دارست ، ومنهم من يقول : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأنعام : ٢٥] فهو تأويل قوله : درست ، ومنهم من يقول](٢) : (ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) [سبأ : ٤٣] ، وهو تأويل درست ؛ فعلى اختلاف أقاويلهم خرجت القراءة.
ثم اختلف في تأويل قوله ـ تعالى ـ : (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) [قال بعضهم : لئلا يقولوا درست](٣) فهو صلة قوله : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) [لئلا](٤) ؛ يقولوا : درست.
وقال الحسن قوله : (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) ، أي : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) ؛ ليقولوا درست ؛ لأن من قوله : إنه بعث الرسل ، وأنزل الكتب ؛ ليكون من الكافر قول كفر ، ومن المؤمن قول إيمان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ).
يخرج ـ والله أعلم ـ على [معنى](٥) التعجب : يعجب أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم عن قبح صنيع الكفرة وسوء معاملتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد جاءهم بصائر من ربهم وبينات وحجج ، ثم هم بعد هذا كله يستقبلونه بالرد والتكذيب.
وهو على ما قلنا : إن الله ذكر نعمه عليهم بما أنشأ لهم : من الأنعام ، والجنات المعروشات ، والزرع ، والنخيل ، وما أخبر عنه ، وقد علموا ذلك كله ، ثم جعلوا له بعد معرفتهم هذا (شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام : ١٠٠] ، ولا بينة ؛ فهو على التعجب أنهم كيف جعلوا له شركاء ، وقد علموا أن الذي جعل هذا كله لهم هو الله؟! فعلى ذلك هذه الآية أنهم كيف قذفوه بالدراسة ، وقد تبين لهم صدقه ، وأنه من عند الله بالآيات والدلائل (٦) ، وبما كان لا يخط (٧) كتابا ، ولا شهدوه يختلف إلى من عنده علم ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
__________________
(١) زاد في ب : من.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : في الدلائل.
(٧) في أ : يحفظ.