إليها حاجة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ).
فيه لغات (١) : درست ، ودارست. ودرست : قرأت ، ودارست : تعلمت.
وقيل (٢) : دارست أهل الكتاب : جادلتهم ، ودرست بالجزم ، [قيل : تعاونت](٣) فهذا
__________________
(١) وأما القراءات التي في (دَرَسْتَ) [الأنعام : ١٠٥] فثلاث في المتواتر : فقرأ ابن عامر : دَرَسْتَ بزنة : ضربت ، وابن كثير وأبو عمرو (دارست) بزنة : قابلت أنت ، والباقون دَرَسْتَ بزنة ضربت أنت.
فأما قراءة ابن عامر : فمعناها بليت وقدمت ، وتكررت على الأسماع ، يشيرون إلى أنها من أحاديث الأولين ، كما قالوا : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)[الأنفال : ٣١].
وأما قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو : فمعناها : دارست يا محمد غيرك من أهل الأخبار الماضية ، والقرون الخالية حتى حفظتها فقلتها ، كما حكى عنهم فقال : (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ)[النحل : ١٠٣].
وفي التفسير : أنهم كانوا يقولون : هو يدارس سلمان وعداسا.
وأما قراءة الباقين : فمعناها : حفظت وأتقنت بالدرس أخبار الأولين ، كما حكى عنهم (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)[الفرقان : ٥] أي : تكرر عليها بالدرس يحفظها.
وقرئ (دَرَسْتَ) فعلا ماضيا مشددا مبنيا للفاعل المخاطب ، فيحتمل أن يكون للتكثير ، أي : درست الكتب الكثير ك «ذبحت الغنم» ، و «قطعت الأثواب» وأن تكون للتعدية ، والمفعولان محذوفان ، أي : درست غيرك الكتاب ، وليس بظاهر ، إذ التفسير على خلافه.
وقرئ (دَرَسْتَ) كالذي قبله إلا أنه مبني للمفعول ، أي : درسك غيرك الكتب ، فالتضعيف للتعدية لا غير.
وقرئ «دورست» مسندا لتاء المخاطب من «دارس» ك «قاتل» إلا أنه بني للمفعول ، فقلبت ألفه الزائدة واوا ، والمعنى : دارسك غيرك.
وقرئ «دارست» بتاء ساكنة للتأنيث لحقت آخر الفعل.
وقرئ «درست» بفتح الدال ، وضم الراء مسندا إلى ضمير الإناث ، وهو مبالغة في «درست» بمعنى : بليت وقدمت وانمحت ، أي : اشتد دروسها وبلاها.
وقرأ أبيّ «درس» وفاعله ضمير النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو ضمير الكتاب بمعنى قرأه النبي ، وتلاه ، وكرر عليه ، أو بمعنى بلى الكتاب وامحى ، وهكذا في مصحف عبد الله «درس».
وقرأ الحسن في رواية «درسن» فعلا ماضيا مسندا لنون الإناث هي ضمير الآيات ، وكذا هي في بعض مصاحف ابن مسعود.
وقرئ «درسن» كالذي قبله إلا أنه بالتشديد بمعنى اشتد دروسها وبلاها ، كما تقدم.
وقرئ «دراسات» جمع «دراسة» بمعنى : قديمات ، أو بمعنى ذات دروس ، نحو : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ)[الحاقة : ٢١] و (ماءٍ دافِقٍ)[الطارق : ٦] وارتفاعها على خبر ابتداء مضمر ، أي : هن دراسات ، والجملة في محل نصب بالقول قبلها. ينظر اللباب (٨ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩).
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٠١ ، ٣٠٢) (١٣٧١٨ ، ١٣٧٢٣ ، ١٣٧٢٤) عن ابن عباس ، وبمعناه عن مجاهد (١٣٧٢٨ ، ١٣٧٢٩ ، ١٣٧٣١) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧٠) وعزاه لسعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس ولابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٣) سقط في أ.