وقوله : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ).
قال القتبي (١) : أرجه وأخاه هارون ، يقول : احبسه ، أي : أخّره ، ومنه قوله : ترجي (٢) من تشاء ، ومنه سميت المرجئة.
وقال ابن عباس (٣) ـ رضي الله عنه ـ : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) ولا تقتلهما (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) أي : أرسل إلى المدائن الشرط (٤) ، يأتون من المدائن حاشرين ، أي : يحشرون عليك السحرة والناس. إلى هذا يذهب ابن عباس ، رضي الله عنه.
وقوله : (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) لا تقتله حتى يأتوك بكل ساحر عليم ، أي : ليجتمع كل أنواع السحر [عنده](٥) ليتبيّن (٦) سحره ، [وإلا كان ساحر واحد كافيا ، ولكن أرادوا والله أعلم بقوله : (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) ليجتمع جميع أنواع السحر عنده لتبين سحره](٧).
قوله تعالى : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ)(١١٧)
(فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (١٢٠) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ)(١٢٢)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) : في المنزلة والقدر عندي ، هذا يدل (٨) أن همة الساحر ليس إلا الدنيا ؛ [لأنهم طلبوا من فرعون الأجر والقدر والمنزلة عنده إن كانوا هم الغالبين ، ولا
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٩) (١٤٩٣٢) عن ابن عباس ، و (١٤٩٣٣) عن قتادة.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٨) وزاد نسبه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس ولعبد بن حميد عن قتادة.
(٢) في أ : يرجى.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٩) عن كل من : ابن عباس (١٤٩٣٤ و ١٤٩٣٧ و١٤٩٣٨) ، ومجاهد (١٤٩٣٥) ، والسدي (١٤٩٣٦) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٨) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ من طرق عن ابن عباس.
(٤) وهم حفظة الأمن في البلاد ، ينظر المعجم الوسيط (١ / ٤٧٩) [شرط].
(٥) سقط في أ.
(٦) في أ : لتبين.
(٧) سقط في ب.
(٨) زاد في أ : على.