أي : يعدلون الأصنام في العبادة والألوهية بربهم.
قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١٥٣)
قوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) [١٥١] يقول : تعالوا أقرأ عليكم ما حرم ربكم ، وأبين لكم ما حرم بحجة وبرهان ، وأن ما حرمتم أنتم حرمتم تقليدا منكم لآبائكم ، أو حرمتم بهوى أنفسكم ، لا حرمتم بأمر أو حجة وبرهان.
ثم بين الذي حرم عليهم فقال : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).
الشرك حرام بالعقل ، ويلزم كل من عقل التوحيد ومعرفة الرب ؛ لما كان منه من تركيب الصور وتقويمها بأحسن صور يرون ويعرفون أنه لم يصورها أحد سواه ، ولا قومها ، ولا يشركه آخر في ذلك ، وما كان منه إليكم من أنواع الإحسان والأيادي ، فكيف تشركون غيره في ألوهيته وربوبيته؟! فذلك حرام بالعقل والسمع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).
يخرج على وجهين :
أحدهما : على الوقف والقطع على قوله : (عَلَيْكُمْ) ، والابتداء من قوله : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) ؛ كأنه لما قال : (أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ). ، فقالوا : أي شيء (١) الذي حرم علينا ربنا؟ فقال : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).
والوجه الآخر : على الوصل بالأول ، ولكن على طرح «لا» ؛ فيكون كأنه قال : حرم ربكم عليكم أن تشركوا به شيئا ، وحرف «لا» (٢) قد يطرح ويزاد في الكلام.
__________________
(١) في أ : أيش. وهي لهجة في أي شيء.
(٢) وحاصل القول في (لا) في هذه الآية أنها قد تكون نافية ، وقد تكون ناهية ، وقد تكون زائدة ، والجميع محتمل.
فإذا قدرناها نافية كان تقدير الكلام أبين لكم ذلك لئلا تشركوا بالله ، وإذا قدرناها ناهية كانت (أن) مفسرة بمعنى أي ، ولا ناهية ، والفعل مجزوم لا منصوب وكأنه قيل : أقول لكم لا تشركوا به شيئا.
وإذا قدرناها زائدة ف (ما) خبرية بمعنى الذي منصوبة ب (أتل) و (حرم ربكم) صلة (وعليكم) ـ