فيها بأن تغسلوا
وجوهكم وتغسلوا أيديكم إلى المرافق ، وتمسحوا برءوسكم. وتغسلوا أرجلكم إلى الكعبين
، هذا إذا كنتم محدثين حدثا أصغر وأردتم الصلاة أما إذا كنتم محدثين حدثا أكبر ،
بأن كنتم جنبا بسبب خروج منى أو التقاء ختانين وأردتم الدخول في الصلاة فعليكم في
هذه الحالة أن تتطهروا. أى : تغسلوا بالماء جميع بدنكم. لأن الأمر بالتطهر لما لم
يتعلق بعضو دون عضو ، كان أمرا شاملا لتطهير جميع البدن ، بدليل أن الوضوء لما
تعلق بعضو دون عضو نص الله ـ تعالى ـ في الآية على تلك الأعضاء التي أوجب غسلها.
وإنما حملت
الطهارة هنا على الطهارة بالماء لأن الماء هو الأصل كما يشير إلى ذلك قوله ـ تعالى
ـ (وَيُنَزِّلُ
عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) ولأنه ـ سبحانه ـ قد ذكر بعد هذه الجملة ما يحل محل الماء
عند فقده.
والتعبير بقوله (فَاطَّهَّرُوا) فيه إشارة إلى وجوب العناية في تعميم الماء على الجسد كله
، وإيماء إلى أن النجاسة المعنوية قد عمت كل أجزاء الجسم ، فوجب أن تكون الطهارة
عامة لكل أجزاء الجسم ولا شك أن الاغتسال بعد الجناية أو الحيض أو النفاس فيه
إنعاش الجسم بعد أن أصابه التعب والإنهاك ، وفيه كذلك طهارة نفسية ، لأنه يبعث في
الإنسان حسن الاستعداد لذكر الله ، ولأداء تكاليفه.
قال الفخر الرازي
: والدلك غير واجب في الغسل. وقال مالك : الدلك واجب وحجة غيره أن قوله (فَاطَّهَّرُوا) أمر بتطهير البدن لا يعتبر فيه الدلك. ثم قال : والشافعى
قال : المضمضة والاستنشاق غير واجبين في الغسل ـ ومثله في ذلك الإمام مالك.
وقال أبو حنيفة ـ والحنابلة
ـ هما : واجبان لأن الآية تقول (فَاطَّهَّرُوا) وهذا أمر بأن يطهروا أنفسهم. وتطهير النفس لا يحصل إلا
بتطهير جميع أجزاء النفس ، ما عدا الأجزاء الباطنة التي لا يمكن تطهيرها. وداخل
الفم والأنف يمكن تطهير هما. فوجب بقاؤهما تحت النص. ولأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : «بلوا الشعر وأنقوا البشرة فإن تحت كل شعرة جنابة»
فقوله «بلوا الشعر» يدخل فيه الأنف. لأن داخله شعر. وقوله «وأنقوا البشرة» يدخل
فيه الجلدة التي داخل الفم. وحجة الشافعى ـ ومالك قوله صلىاللهعليهوسلم أما أنا فأحثى على رأسى ثلاث حثيات فإذا أنا. قد طهرت» وقد
قال النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك في مجلس جماعة من أصحابه كانوا يتحدثون أمامه في أمر
الغسل ، وكل يبين ما يعمله .
__________________