روى البخاري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «يؤتى بالرجل من أهل النار فيقال له : يا بن آدم كيف وجدت مضجعك؟ فيقول : شر مضجع. فيقال له. أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدى به؟ فيقول : نعم ، فيقال له : قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك : أن لا تشرك بالله شيئا فيؤمر به إلى النار» (١).
وقوله ـ تعالى ـ (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) بيان لدوام نزول العذاب بهم بعد بيان شدة آلامه وأوجاعه.
أى : يريد هؤلاء الكافرون (أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) بعد أن ذاقوا عذابها وآلامها ، (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) أبدا ، بسبب ما ارتكبوه في الدنيا من قبائح ومنكرات (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) أى : دائم ثابت لا ينقطع.
فأنت ترى هاتين الآيتين قد بينتا سوء عاقبة الكافرين ، بعد أن رغب ـ سبحانه ـ المؤمنين في التقرب إليه بالإيمان والعمل الصالح ، وذلك لكي يزداد المؤمنون إيمانا. ولكي ينصرف الناس عن الكفر والفسوق والعصيان إلى الإيمان والطاعة والاستجابة لتعاليم الله الواحد القهار.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ عقوبة الذين يحاربون الله ورسوله ، ودعا المؤمنين إلى التقرب إليه بالعمل الصالح وبين سوء عاقبة الكافرين. بعد أن بين كل ذلك أعقبه ببيان عقوبة السرقة فقال ـ تعالى :
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤٠)
__________________
(١) رواه البخاري في باب «من نوقش الحساب عذب ، ومن كتاب الرقاق» ج ٨ ص ١٣٩