والمنهاج : الطريق
الواضح في الدين ، من نهج الأمر ينهج إذا وضح. والعطف باعتبار جمع الأوصاف.
قال بعضهم. هما
كلمتان بمعنى واحد والتكرير للتأكيد.
وقيل : ليستا
بمعنى واحد. فالشرعة ابتداء الطريق. والمنهاج الطريق المستقيم.
وقوله : (مِنْكُمْ) متعلق بمحذوف وقع صفة لما عوض عنه تنوين «كل».
أى : لكل أمة من
الأمم الحاضرة والماضية وضعنا شرعة ومنهاجا خاصين بها ، فالأمة التي كانت من مبعث
موسى إلى مبعث عيسى ـ عليهماالسلام ـ ، كانت شرعتها ما في التوراة من أحكام. والأمة التي كانت
من مبعث عيسى إلى مبعث محمد ـ عليهما الصلاة والسلام كانت شرعتها ما في الإنجيل.
وأما هذه الأمة الإسلامية فشريعتها ما في القرآن من أحكام ، لأنه مشتمل على ما جاء
في الكتب السابقة عليه من أصول الدين وكلياته التي لا تختلف باختلاف الأزمنة
والأمكنة وزاد عليها ما يناسب العصر الذي نزل فيه ، والعصور التي تلت ذلك إلى يوم
القيامة.
وأهل الكتاب إنما
أمروا بأن يتحاكموا إلى كتبهم قبل نسخها بالقرآن الكريم ، أما بعد نزوله ومجيء
النبي صلىاللهعليهوسلم خاتما للرسالات السماوية ، فقد أصبح من الواجب عليهم
الدخول في الإسلام ، واتباع رسوله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم في كل ما أمر به أو نهى عنه ، وليس لأحد بعد بعثته صلىاللهعليهوسلم إيمان مقبول إلا باتباعه وتصديقه في جميع أقواله وأعماله.
والاختلاف في
الشرائع إنما يكون فيما يتعلق ببعض الأوامر والنواهي ، وببعض وجوه الحلال والحرام
، وبغير ذلك من فروع الشريعة ، فقد يحرم الله شيئا على قوم عقوبة لهم ، ويحله لقوم
آخرين تخفيفا عنهم ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَعَلَى الَّذِينَ
هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا
عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا
اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) .
وكما قال ـ تعالى
ـ حكاية عن عيسى ـ عليهالسلام ـ : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ
بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) .
أما ما يتعلق
بأصول الشريعة ، وجوهر الدين ، وأساس العقيدة كالأمر بعبادة الله وحده ،
__________________