سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)(٤٣)
وردت أحاديث متعددة في سبب نزول هذه الآيات الكريمة ، ومن ذلك : ما أخرجه البخاري عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة قد زنيا. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون. فقال عبد الله بن سلام : كذبتم. إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها.
فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك. فرفع يده فإذا آية الرجم ، فقالوا : صدق يا محمد ؛ فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجما.
فقال عبد الله بن عمر : فرأيت الرجل يميل نحو المرأة يقيها الحجارة (١).
وروى مسلم في صحيحه عن البراء بن عازب قال : مر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيهودي محمم مجلود ـ أى قد وضع الفحم الأسود على وجهه للتنكيل به ـ فدعاهم فقال. هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقال : لا والله ولو لا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك ، تجد حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه. وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. فقلنا : تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع. فاجتمعنا على التحميم والجلد ـ مكان الرجم.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم اللهم إنى أول من أحيا أمرك إذ أماتوه قال : فأمر به فرجم. قال : فأنزل
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الحدود ج ٨ ص ٢١٣ طبعه مصطفى الحلبي سنة ١٣٤٥ ه