فإن قلت : إن المدخول كبقية أسماء الأجناس ، ليس موضوعا لا للطبيعة المطلقة بما هي مطلقة ، ولا للطبيعة المقيدة بما هي مقيدة ، وعليه فكما أن القيد غير داخل في المراد الاستعمالي ، فكذلك عدم القيد.
قلنا : صحيح ان كلا من القيد وعدمه غير داخل في ذلك ، لكن المراد الاستعمالي ليس مقيدا بالحمل الشائع ، بمعنى ، أن عدم القيد لم يؤخذ جزءا منه لكنه يصدق عليه وجدانا أنه لم يؤخذ فيه التقييد ، وفرق بينهما ، فإن معنى أن عدم التقييد داخل فيه ، يعني ، أن اللفظ موضوع للمطلق ، واستعماله في المقيد يكون مجازا ، ومعنى ان القيد غير داخل ، يعني أنه يكفي فيه مجرد عدم أخذه في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه.
وعليه : فالمراد الاستعمالي مطلق بالحمل الشائع ـ لا بمعنى أنّ الإطلاق جزء منه ـ ويثبت انّ مدخول الأداة مطلق ، لكن باصالة الحقيقة ، من دون حاجة إلى مقدمات الحكمة.
وخلاصة ما يرد عليه هو : أنّ المراد الاستعمالي يتحدد باصالة الحقيقة ، إذ مقتضاها أن اللفظ لم يستعمل في المقيد ، وإلّا كان مجازا ، وعليه يكون قد استعمله في ذات الطبيعة ـ التي هي المدلول الوضعي لاسم الجنس ـ وتكون بهذا مطلقة بالحمل الشائع ، فتكون الأداة ، «كل» ، دالة على استيعاب تمام الأفراد بلا حاجة إلى مقدمات الحكمة.
أو فقل : إنّ المراد الاستعمالي ، بمقتضى عدم المجازيّة ، هو نفس المدلول الوضعي ، كما ذهب إليه صاحب الكفاية (١).
٣ ـ الاحتمال الثالث : هو ، أن يكون المراد منه استيعاب أفراد المدلول الوضعي ، بدون زيادة ، فإن المدخول لمّا كان اسم الجنس ، إذن ، فهو موضوع للطبيعة المهملة. ولكن لمّا كان الموجود في ذهن المتكلم دائما هو : إمّا الطبيعة المقيدة ، وإمّا الطبيعة المطلقة. لأنه إمّا أن تلحظ مقيدة وإمّا أن
__________________
(١) كفاية الأصول ـ ج ١ ـ ص ٢٣٢.