إن التمسك بالعام لإثبات حكمه لكل من الطرفين المحتملين للمخصص ممكن ، لكن ليس على الإطلاق ، بل على تقدير خروج غيره ، لأنّا نعلم إجمالا بخروج أحد الفردين من تحت العام ، ولكن لا ندري بخروج كليهما.
وحينئذ نقول : إنّ العام يشمل هذا الفرد على تقدير خروج الفرد الآخر ، ويشمل الفرد الآخر على تقدير خروج الفرد الأول ، وحينئذ ، نثبت بالعام ، دخول كل من الفردين ، بشرط خروج الآخر ، وبهذا ينتج حكمان على محلين قابلين متعيّنين ، لكن كل منهما مشروط بخروج الآخر ، وهذان الحكمان المشروطان نعلم بتحقق شرط أحدهما ببركة المخصّص المجمل مفهوما ، ويصبحان بقوة العلم الإجمالي المنجّز ، فيتنجز هذا العلم الإجمالي في كلا هذين الفردين.
إذن فيتغلّب على المشكلة ، بتطبيق حكم العام على كل من الفردين بعنوانه التفصيلي ، مشروطا بخروج الآخر ، وحيث نعلم بخروج أحدهما ، نعلم إذن ، بإثبات حكم العام لأحدهما الباقي.
وأمّا الجانب العملي ، فيرجع به إلى السيرة العقلائية حيث انّهم يعملون بالعام في عدا ما خرج.
٣ ـ الفرع الثالث : وهو ما إذا كان المخصص المجمل مفهوما ، منفصلا ، ودائرا أمره بين الأقل والأكثر ، كما في «أكرم كلّ فقير» ، وورد في دليل منفصل ، «لا يجب إكرام فساق الفقراء» ، وكانت كلمة فاسق ، مجملة مفهوما ومرددة بين مرتكب الكبيرة خاصة ، أو الأعم منها ومن الصغيرة.
وهذا الفرع كالأول من حيث الافتراض ، إلّا أنّنا هناك ، فرضنا المخصص متصلا ، وهنا فرضناه منفصلا.
والمعروف هنا هو ، جواز التمسك بالعام بالنسبة للمشكوك.
والتقريب المدرسي لذلك هو ، أن يقال : بأنّ إثبات وجوب الإكرام