وقد يستدل على هذا المسلك فيقال : بأننا نرى بالوجدان ، إن أداة العموم حياديّة ولا بشرط تجاه المفهوم ، بمعنى أنها تتسع لاستيعاب مدخولها ، سواء كان هذا المدخول مطلقا أو مقيدا ، وحينئذ ، نحتاج لتعيين كون المدخول هو المطلق أو المقيد إلى دال آخر ، وهذا الدال هو مقدمات الحكمة.
وهذا الدليل غير تام : لأنّ ما ذكره ، غاية ما يثبته هو ، أنّ «كل» ، لا تعيّن لفظ مدخولها ، وأنه «العالم» ، أو ، «العالم العادل» ، بمعنى أنّ مدخولها ، هل هو العالم بما له من شمول ، أو خصوص العادل. وهذا صحيح ولا يدّعيه الخصم. وإنما مدّعى الخصم هو أن لفظ المدخول بعد أن يتعين ، ولنفرض انه العالم العادل.
حينئذ نشك في معناه ، في أنه مطلق أو مقيد ، وأداة العموم تثبت أنه مطلق ، ولا حاجة إلى مقدمات الحكمة ، هذا هو مدّعى الخصم.
إذن فما ذكر من الدليل لا يبطل هذا المدّعى.
ويمكن أن يعمّق هذا الاستدلال على هذا المسلك قليلا فيقال : إن أداة العموم تحتاج في دلالتها على العموم إلى إجراء مقدمات الحكمة في مرتبة سابقة في مدخولها لتعيين أنه المطلق ، وذلك لأن هنا ثلاث احتمالات.
١ ـ الاحتمال الأول : هو أن يقال إن الأداة ينصب استيعابها على مدلول الكلمة بلا قرينة أصلا ، لا عامة ، ولا خاصة ، بعد فرض أن الموضوع له اسم الجنس هو ، الطبيعة المهملة التي يسميها الميرزا (قده) ، بالماهية اللّابشرط المقسمي والتي هي جامع بين الماهية الملحوظة بنحو اللّابشرط القسمي والملحوظة بنحو البشرطشيء ، والملحوظة بنحو البشرطلا ، وبعد فرض أن الطبيعة الموضوع لها اسم الجنس ، غير قابلة للصدق على أفرادها الخارجية ، لأن من هذه الأفراد الطبيعة الملحوظة بشرط لا التي لا تقبل الصدق.
ووضع الأداة بهذا النحو غير معقول ، لأن الطبيعة الملحوظة بنحو اللابشرط