ولا ضير في ذلك ، لأن الطولية بينهما طولية بين الدالين لا بين المدلولين وعليه فلا يلزم تعدد في الاستيعاب كي يكون من اجتماع المثلين.
٣ ـ الاعتراض الثالث : هو ما أفاده السيد الخوئي (قده) ، وهو لو أنيطت دلالة كل على العموم بإجراء مقدمات الحكمة في مدخولها ، للزم من ذلك لازم باطل ، وهو عدم تمكن الإنسان من التصريح بالعموم مهما استعمل من الألفاظ ما لم يجر مقدمات الحكمة ، فلو قال : أكرم كل عالم قاطبة ، ونحو ذلك ، فلا يكون كلامه مفيدا للعموم ما لم يجر مقدمات الحكمة ، لأنّ غاية ما تدل عليه هذه الألفاظ والأدوات هو ، استيعاب ما يراد من المدخول ، أمّا تفسير المراد ، وأنّه العام ، فيحتاج إلى إجراء مقدمات الحكمة ، وهذا باطل بالوجدان (١) العرفي.
وهذا الاعتراض غير تام ، لأنه إن أريد دعوى أنّ الإنسان لا يمكنه أن يجعل كلامه صريحا في العموم بواسطة أداة العموم ما لم يجر مقدمات الحكمة ، فهذا هو مدّعى أصحاب هذا القول. وإن كان مراده أنه لا يمكنه التصريح بالاستيعاب والعموم أصلا لجميع أفراد مدخول كل ، فهو غير تام ، لأنه يمكنه ذلك كما لو صرّح فقال : أكرم كل عالم بدون استثناء ، فحينئذ يكون مفيدا للاستيعاب من دون إجراء مقدمات الحكمة ، لأن غاية ما تثبته مقدمات الحكمة هو أنّ عدم ذكر القيد يدل على عدم التقييد ، وهنا قد صرّح المتكلم بعدم أخذ القيد فتكون الدلالة على عدم أخذ القيد دلالة لفظية لا سكوتية حكمية ، ومعه لا حاجة لإجراء مقدمات الحكمة لإثبات عدم القيد.
وإن كان مراده مجرد دعوى وضوح صراحة العموم في الاستيعاب ، وأنّه بخلاف الإطلاق ، فهذا ما سوف نستعرضه إن شاء الله تعالى ، وإن كانت صيغة كلامه ، لا يتضح منها إرادة هذا المعنى. إذن. فهذه الاعتراضات على المسلك الأول غير تامة.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ٢ ـ هامش ص ٤٤٠ ـ ٤٤١.