ذاك التغير والتبدل في عالم التشريع وعالم الصحة والبطلان. فهذا الوجه في غاية البعد.
أما الوجه الثاني ، فهو لا يرد عليه ما أورد على الأول ، لأن مفهوم الصحة مفهوم واحد محفوظ في جميع الحالات ، وإنما الاختلاف في المصاديق ، فهو ينطبق تارة على أربعة أجزاء ، وأخرى على خمسة ، وثالثة على ثلاثة ، فلا يلزم بناء على هذا الوجه تغير اللغة تبعا لتغير الأحكام العقلائية ، ولكن يلزم على هذا الوجه أن يكون مفهوم الصحة مستفادا من نفس لفظ البيع ، مع أنه اتضح سابقا أن مفهوم الصحة حتى عند الصحيحي ، هو غير مستفاد من لفظ البيع ، كما أنه لم يكن مستفادا من لفظ الصلاة والصوم ، فإن لفظ الصلاة ولفظ البيع ونحو ذلك من الألفاظ ، لا يتبادر منها وجدانا مفهوم الصحة ، فلو كان لفظ البيع موضوعا لمفهوم الصحيح عند العقلاء ، للزم الترادف وهو خلاف الوجدان.
إذن فكلا الوجهين بعيد في المقام وعليه فلا يكون لفظ البيع موضوعا للصحيح عند العقلاء ، بل هو موضوع للجامع بين الصحيح والفاسد ، بحيث مهما تغيّرت أحكام العقلاء ، فهو محفوظ وثابت ، وبهذا يتبين أن الحق هو الوضع للأعم.