الجهة الأولى
إن الصحة في باب العبادات ، لم تكن إلّا صحة شرعية ، ولكن في باب المعاملات ، الصحة صحتان ، شرعية وعقلائية ، لأن المعاملات كما أن للشارع فيها أحكاما ، فكذلك للعقلاء فيها أحكام ، فالصحة العقلائية تكون في مقابل الفساد عقلائيا ، والصحة الشرعية تكون في مقابل الفساد شرعيا.
ومن هنا يقع النزاع بين الصحيحي والأعمي في المعاملات ، فيما هو المأخوذ ، فهل هو الصحة الشرعية ، أو الصحة العقلائية!.
ذهب السيد الأستاذ (١) إلى أن النزاع ، إنما يكون في الصحة العقلائية ، بحيث أن الصحيحي يدعي بأن الصحة العقلائية مأخوذة في البيع ، والأعمي يدّعي بأن لفظ البيع موضوع للأعم من الصحيح العقلائي والفاسد العقلائي ، وأما الصحة الشرعية فلا ينبغي الإشكال عند الاثنين معا ، في أنها غير مأخوذة وليست محلا للنزاع ، لأنها لو كانت مأخوذة ، للزم أن يكون معنى أدلة الإمضاء «أحلّ الله البيع» تصحيح الصحيح وهذا لغو من الكلام.
وهذا الكلام غريب ، لأنه ما هو المراد بالصحة الشرعية التي أفيد ، بأنه لا يعقل أخذها في مدلول لفظ البيع؟.
فإن كان المراد هو عنوان الصحة الشرعية ، بحيث يكون لفظ البيع معناه
__________________
(١) محاضرات فياض / ج ١ ص ١٩٣ ـ ١٩٤ ـ ١٩٦.