حيثية تقيدية لا
يجري الاستصحاب الحكمي سواء كانت الشبهة مفهومية أو حكمية غير مفهومية ، فلا نتعقل
فرقا بين الشبهة المفهومية الحكمية والشبهة الحكمية غير المفهومية من هذه الناحية
، فالصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية من بقاء وجوب الإكرام بينما السيد الأستاذ منع من هذا الاستصحاب وأجرى البراءة.
ثم إن في المقام
نكتة أخيرة ، وهي أنه لو فرضنا أن المكلف ابتلى بالفرضيتين ، بفرضية التكليف بنحو
صرف الوجود ، وفرضية التكليف بنحو مطلق الوجود ، فقيل له في وقت واحد «أكرم عالما
وأكرم كل عادل» فيتشكّل حينئذ علم إجمالي بإلزام مردّد ، وذلك لأن المشتق إن كان
موضوعا لخصوص المتلبس ، إذن لا يكفي في مقام امتثال خطاب «أكرم عالما» أن يكرم
زيدا المنقضي عنه العلم ، وإن كان المشتق موضوعا للأعم ، فيجب عليه أن يكرم خالدا
المنقضي عنه مبدأ العدالة ، إذن فهو يعلم إجمالا بأنه إمّا أن لا يجوز له أن يمتثل
خطاب «أكرم عالما» بناء على المتلبسي ، وإمّا أنه يجب عليه أن يكرم خالدا بناء على
الأعمي ، وحينئذ إن قلنا على المختار بإجراء أصالة البراءة عن التعيين بالنسبة إلى
زيد وبإجراء استصحاب بقاء الوجوب بالنسبة إلى خالد ، فالعلم الإجمالي منحل لأن أحد
طرفيه مجرى للأصل المثبت للتكليف وهو استصحاب بقاء الوجوب ، والطرف الآخر مجرى
للأصل النافي للتكليف وهو أصالة البراءة عن التعيين فيجري كلا الأصلين إذ لا تعارض
بينهما ، لأنهما ليسا نافيين معا ، بل أحدهما نافي للتكليف والآخر مثبت له. وأما
إذا قلنا بمبنى السيد الأستاذ بعدم جريان الاستصحاب بل بجريان البراءة ، فحينئذ تتعارض
البراءة عن التعيين لغير زيد مع البراءة عن وجوب إكرام خالد ، فيكون العلم
الإجمالي منجزا فيما إذا اجتمعت كلتا الفرضيتين في الفقه على مكلف واحد.
__________________