التوابين والمتطهرين.
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ
لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ
وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٢٣) [البقرة : ٢٢٣] عام مطرد في الأزواج وهن المراد [من النساء] ، (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣] اعلم أن «أنّى» تستعمل بمعنى «أين» وبمعنى «من أين» ،
وبمعنى «كيف» فمن حملها هاهنا على معنى «أين» وهي عامة في المكان قال : المعنى
فأتوا حرثكم أين شئتم من قبل أو دبر ، وهؤلاء هم الشيعة وطائفة من أهل الحجاز ،
ويعزى إلى مالك ، وقد شاهدناه عنه في كتاب «السر» من نسخة صحيحة متصلة الإسناد
إليه ، وأصحابه تارة يسلمون صحته عنه ، ويدعون رجوعه ، وتارة ينكرونه عنه أصلا ،
وينكرون صحة كتاب «السر» عنه بالأصالة ثم ينقلون من كتاب «السر» مسائل في غير هذا
الباب.
والدليل على
صحته عنه أن عظم مادته عن نافع عن ابن عمر ، وقد نقل ذلك عنهما ، أما نافع فقد روي
في مسند أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ أنه قيل له : ما لك لم تأخذ عن نافع؟ فقال
: قد قصدته لاخذ
عنه ؛ فوجدته بين أصحابه ، وهو يفتي بجواز وطء المرأة في الدبر ، فتركته فلم آخذ
عنه شيئا.
وأما ابن عمر
فروى عبد الرزاق في تفسيره بإسناده إلى ابن عمر أنه تلا (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ
الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) (١٦٦) [الشعراء : ١٦٥ ، ١٦٦] قال يعني مثله من الذكر ، قال ابن عمر : ولا ينبغي
أن يقال هذا للعوام أو كما قال. / [٥٤ / ل]
ومن حملها على
معنى كيف أو من أين قال : يأتيها كيف شاء مقبلة ومدبرة وقائمة ومضطجعة ومن أين شاء
كذلك لكن في صمام واحد ، وهو القبل.
واحتج
الأولون بقوله عزوجل : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣] على تفسيرهم لها بمعنى أين ، وبما روي أن رجلا في عصر النبي
صلىاللهعليهوسلم أتى امرأته في دبرها ، فرفع ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فوجد لذلك وجدا شديدا ، فنزلت (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا
اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٢٣) [البقرة : ٢٢٣].
قالوا
: وهذا ظاهر في
إقامة عذر الوطء ، وإزالة موجدة النبي صلىاللهعليهوسلم ولأن هذا المكان