قوله عزوجل : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (١٩٠) [البقرة : ١٩٠] هو عام يخص بما إذا اقتضت المصلحة ترك قتال المقاتل مداراة عند الضعف عنه كما في الهدنة والصلح ، أو خديعة له إذ الحرب خدعة أو نحو ذلك.
(وَلا تَعْتَدُوا) [البقرة : ١٩٠] عام مطرد في ترك العدوان الحقيقي.
(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١٩٤) [البقرة : ١٩٤] أي : من انتهك لكم حرمة ، فانتهكوا له مثلها لتقتصوا منه بدليل : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١٩٤) [البقرة : ١٩٤] / [٢٧ أ / م] إذ هذا بيان للحرمات قصاص ، وهو عام في جواز الاقتصاص ، وخص منه في القصاص في الأطراف ما إذا خيف الحيف كالجائفة لا قصاص فيها لتعذر المماثلة ، وفيما إذا قتله بمحرم [في نفسه] كتجريع للخمر واللواط لا يقتص منه بمثله لئلا يكون دفعا للظلم الحرام بمثله ، ومحوا للأثر القبيح بأقبح منه ، وكذا لو قتل / [٥٠ / ل] رجل قريب رجل أو عبده أو دابته ، أو زنا بامرأته أو أمته ، لم يجز للمجني عليه أن يفعل بالجاني مثل ذلك بل يقتص منه ويغرمه. ويرفعه إلى من يحده ، ونحو ذلك.
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥) [البقرة : ١٩٥] عام مثل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٢٩) [النساء : ٢٩] ، وهو مخصوص بما إذا تضمن الإلقاء إلى التهلكة أجرا أو مصلحة كمن يحمل في صف العدو وحده لإعزاز الدين ونكاية الفاسقين ، أو يلقى النار في مركبه ويظن السلامة في إلقاء نفسه في البحر ، أو يخاطر في صعود حصن أو النزول منه لفتحه على المسلمين أو نحو ذلك.
(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥) [البقرة : ١٩٥] عام خص منه من ترجحت إساءته على إحسانه ، فالظاهر أنه لا يحبه ، وفيما إذا استويا نظر.