بتقوى ولا صلاح ولا بغيره ، فدل على أنه إذا أراد الرحمة وفق للصلاح ، فكان الفوز والفلاح ، فالصلاح أمارة الفلاح ، والعلة المؤثرة هي المشيئة [وهكذا في الطرف الآخر الظلم أمارة العذاب ، والعلة المؤثرة هي المشيئة] ، غير أنه ـ عزوجل ـ آثر هاهنا قيام حجته ، فقرن العذاب بوصف الظلم من باب اقتران الحكم بالوصف المناسب ، إقامة للحجة ونفيا للتهمة ، وانتهى تقدير الكلام إلى : إني أرحم هؤلاء بمشيئتي / [٢١٣ ب / م] وعنايتي بهم ، وأعذب هؤلاء لظلمهم المناسب لعقوبتهم مع أن مشيئته هي المؤثرة في ذلك قطعا ، وقد تقدم لنا كلام في سر القدر في مقدمة هذا الكلام وفى الأعراف عند : (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠) [الأعراف : ٣٠] وفي أول سورة «يس» وسورة «المؤمن» ، هاهنا فاجمع بينه ، وتلمحه يظهر لك المقصود من هذا الباب ـ إن شاء الله عزوجل ـ.
* * *