القول في سورة القمر
(اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١) [القمر : ١] فيه مسائل :
الأولى
: اقتراب الساعة
بأمارة انشقاق القمر عليها ، ثم قد بينا أن القرب أمر إضافي لا حد له ، ولا تقدير
فيه.
الثانية
: أن القمر يمكن
انشقاقه ، لأنه جسم وكل جسم يمكن انشقاقه ، وما زعمه الفلاسفة من أن الفلك لا يقبل
الخرق والالتئام ، وربما طردوا ذلك في جميع الأجرام العلوية ـ ضعيف ، وقد سبق
القول فيه.
الثالثة
: أن القمر انشق
على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ معجزا له ، وشاهد كفار مكة (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا
وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢) [القمر : ٢] ثبت ذلك بهذا النص المتواتر وبالأخبار الصحيحة المستفيضة
من حديث ابن مسعود وابن عباس ومن عساه وافقهما.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا
جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) (١٤) [القمر : ١٤] وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (٤٨) [الطور : ٤٨] أي نحن نراها ونراك ، وقد تقرر أن الله ـ عزوجل ـ سميع بصير ، وربما تمسك بعض المشبهة بهذا على إثبات
العين جارحة الله ـ عزوجل ـ وهو باطل ، أو صفة كاليد والوجه وفيه ما في نظائره من
الكلام / [١٩٥ ب / م] وقد سبق.
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ
عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) (٢٥) [القمر : ٢٥] ، هي شبهتهم المعروفة التي يلزم منها الترجيح بلا مرجح
على زعمهم ، وقد مر جوابها غير مرة.
(كَذَّبُوا بِآياتِنا
كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) (٤٢) [القمر : ٤٢] ظاهره أنه عام أريد به الخاص وهي الآيات التي جاء بها
موسى ـ عليهالسلام ـ ويحتمل أنها آيات الرسل أجمعين ؛ لاستلزام تكذيبهم
بآيات موسى التكذيب بها.
__________________