أحدهما : فأنا أول الجاحدين للولد ، أو الآنفين من إثباته.
ومنه قول الفرزدق :
وأعبد أن تهجى كليب بدارم
أي : آنف من ذلك ولا أرضى به لعدم مكافأتهم لنا.
والثاني : أنا أول العابدين لله على تقدير ثبوت الولد ؛ إذ مقصودي اتباع الحق وطاعة الله ـ عزوجل ـ [على أي حال] أو تقدير كان من التقادير الحقة. وهذا هو الصحيح ، والأول ضعيف ؛ إذ فيه جحد الولد على تقدير ثبوته ، وهو تناقض وعناد ، اللهم إلا أن يحمل / [١٨٤ أ / م] على معنى : إن كان له ولد عندكم وفي اعتقادكم فأنا أول الجاحدين له على اعتقادي ، وإنما أعبد الله وحده منزها عن ولد وغيره مما لا يليق به ، فهذا يصح ويستقيم.
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٨٤) [الزخرف : ٨٤] اختلف في هذا ؛ فقيل : هو فيهما بذاته ، وهو قول القائلين : إنه في كل مكان بذاته.
وقيل : ليس في واحد منهما بذاته ، وإلا لزم التحيز والتجسيم ، وهو قول الأشعرية ومن وافقهم.
وقيل : هو في السماء فوق العرش بذاته وفى الأرض بعلمه وحكمه ؛ كما يقال : فلان في مصر سلطان ، وفى الشام هو سلطان ، أي : في إحداهما بنفسه وفى الأخرى بحكمه. وهو قول أهل الحديث من الحنابلة وغيرهم.
[وأما الاتحادية فربما احتجوا بهذا على رأيهم في سريانه في جميع العالم].
قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٨٧) [الزخرف : ٨٧].
أي كيف [وإلى أين] ينصرفون عن عبادة خالقهم إلى عبادة غيره؟ وهو من أدلة التوحيد.
ونظمه : لا شيء من آلهتكم بخالق لكم ، والله خالق لكم ، فلا شىء من آلهتكم / [٣٨٣ / ل] بإله وقد سبق في مواضع.
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩) [الزخرف : ٨٩] وعيدي محكم ، أو منسوخ بآية السيف.
* * *