ومن يضلل فلا هادي له» (١) وهو أيضا متكرر في القرآن ، وكذلك : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) (٤٦) [الشورى : ٤٦] أي إلى الهدى ؛ لأنه إذا خلق الضلال في قلبه استحال أن يدخله الهدى حينئذ ؛ لامتناع اجتماع الضدين في محل واحد.
(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٥١) [الشورى : ٥١] يحتج به من يرى أن الله ـ عزوجل ـ يتكلم بحرف وصوت ؛ لأنه حصر تكليمه للبشر في ثلاثة أحوال :
أحدهما : الوحي ، وهو الإلهام وخلق الكلام / [١٨١ ب / م] في النفس ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «إن روح القدس نفث في روعي» (٢) الحديث.
والثاني : أن يرسل رسولا فيوحي بإذنه كجبريل إلى الأنبياء.
الثالث : التكليم من وراء حجاب ، كما كلم موسى ولم يره موسى بل سأله الرؤية فقال : (لَنْ تَرانِي ،) وهذه الحال ليست وحيا ولا بواسطة رسول ؛ لأنها قسيم لهما فاستحال أن تكون إحداهما ، فهي حال ثالثة ، [وليس إلا التكليم بحرف وصوت.
وأجاب الخصم بأن الحرف والصوت لما دل الدليل على استحالتهما في حقه ـ عزوجل ـ وجب تأويل هذا على] أن المكلم [من وراء حجاب / [٣٧٦ / ل] أخذ عن حسه حتى سمع الكلام من غير صوت في الخارج كالنائم ونحوه ، أو على غير ذلك من التأويل.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
__________________
(١) رواه مسلم [٢ / ٥٩٣] [٨٦٧] ورواه النسائي [٣ / ١٨٨] ح [١٥٧٨] وأحمد [٣ / ٣٧١] ح [١٥٠٢٦] والبيهقي [٣ / ٢١٤] ورواه مسلم من حديث ابن عباس [٢ / ٥٩٣] [٨٦٨] والنسائي [٦ / ٨٩] [٣٢٧٨] وابن ماجة [١ / ٦١٠] ح [١٨٩٣] وأحمد [١ / ٣٥٠] ح [٣٢٧٥] ورواه أبو داود [١ / ٢٨٧] [١٠٩٧] والنسائي [٣ / ١٠٤] ح [١٤٠٤].
(٢) أخرجه الشافعي في مسنده [١ / ٢٣٣] ، وابن أبي شيبة في مصنفه [٧٩١٧] ح [٤٣٣٢] ومحمد بن راشد في الجامع [١١ / ١٢٥] ، والبزار في مسنده [٧ / ٣١٥] ح [٢٩١٤] والطبراني في الكبير [١٦٦١٨] ح [٧٦٩٤] والقضاعي في مسند الشهاب [٢ / ١٨٥] ح [١١٥١] والبيهقي في شعب الإيمان [٦٧١٢] ح [١١٨٥].