أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩) [فصلت : ٢٩] أي تسببا في ضلالنا بالإغواء والوسوسة والمشورة والقدوة.
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) (٣١) [فصلت : ٣١] ، أما في الآخرة فبالإكرام والسّلام والخدمة ونحوها ، وأما في الدنيا فبلمة الملك المشار إليها في الحديث النبوي : «إن لكل إنسان لمة من الملك ولمة من الشيطان والمعصوم من عصم الله» (١) أو كما قال ، وهذا يدل على أن استقامة من استقام في الدنيا بإعانة من الله بتولي الملائكة له ، ينفثون في روعه بالخير وتقبيح الشر.
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣) [فصلت : ٣٣] هذا يدخل فيه الملائكة يدعون الأنبياء إلى الله ـ عزوجل ـ بما يوحون إليهم ، والأنبياء يدعون الأمم إلى الله بما يبلغونهم ، / [٣٧٠ ل] والعلماء والأولياء يدعون إلى الله هؤلاء بأقوالهم وهؤلاء بأحوالهم ، فيكشفون عن القلوب الغيابات ويبلغون في البيان أقصى الغايات. والدعاء إلى الله ـ عزوجل ـ هو اجتذاب القلوب إلى معرفته وطاعته ، بتنبيهها على آياته وعظيم ربوبيته ، وإنما كان هذا القول أحسن الأقوال / [١٧٨ ب / م] لأنه وسيلة إلى المعرفة التي هي أحسن الأحوال.
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) (٣٨) [فصلت : ٣٨] إشارة إلى الملائكة ، وهو من باب :
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) (١٧٢) [النساء : ١٧٢] أي الملائكة مع شرفهم لا يستكبرون عن عبادته ، فأنتم أولى ألا تستكبروا.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣٩) [فصلت : ٣٩] استدلال على البعث بإحياء الأرض كما سبق في مواضع ، وينتظم القياس اقترانيا واستثنائيا.
__________________
(١) رواه الحاكم في المستدرك [٣ / ٥٤٣] ح [٦٠٢١] وابن المبارك في الزهد [١ / ٥٠٣] ح [١٤٣٥] موقوفا على سيدنا عبد الله بن مسعود ، وانظر / تفسير القرطبي [١٤ / ١١٧].