التجسيم على القديم.
الثالث : حملها على صفات لله ـ عزوجل ـ حقيقة مقولة على صفات المخلوقين / [١٧٤ / م] بالاشتراك اللفظي ، [اللهم كأنهم] قالوا : لله يد هي صفة لائقة به لا تشبه يدنا ، ولنا يد هي هذه الجارحة مستحيلة في حقه عزوجل. وهو محكي عن الظاهرية ، وإليه يرجع المذهب الأول.
الرابع : تأويل ما أوهم منها التشبيه على ما يزيل تلك الشناعة مما يحتمله اللفظ في كلام العرب ، وهو مذهب الأشعرية ، ومن وافقهم.
الخامس : أن اللفظ إن ظهر منه إرادة الحقيقة حمل عليها على المذهب الأول ، أو إرادة المجاز حمل عليه كلفظ الجنب ، «وقلب المؤمن بين إصبعين» (١) و «الحجر يمين الله في الأرض» (٢) ونحوه ، وإن لم يظهر منه أحدهما اجتهد فيه المجتهد في الأصول ، وقلد فيه المقلد ، والأشبه الأخذ بالمذهب الثالث.
ولعلك تقول : هل يجوز التقليد في أصول الدين حتى يقول : وقلد فيه المقلد؟ فنقول : نعم.
وتحرير ذلك أن مسائل الشريعة إما / [٣٦٣ ل] ظني كالفقهيات ، أو علمي قاطع كالتوحيد والنبوات ، أو واسطة بينهما ، كهذه المسائل الدائرة بين أهل الحديث والمعتزلة والجهمية ونحوهم ، فهذه ارتفع دليلها عن القسم الأول ، وانحط عن القسم الثاني ، لكن تعارضت فيها الشبه وتصادمت الحجج ؛ فجاز فيها التقليد للعامي ، ولم يسغ فيها التكفير ، والله ـ عزوجل ـ أعلم بالصواب.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٦٨) [الزمر : ٦٨] هذه نفخ الصعق ونفخة البعث ، وقبلها نفخة الفزع المذكورة في سورة النمل ، فهي ثلاث نفخات ، وهذا من أحكام اليوم الآخر (إِلَّا مَنْ شاءَ) قيل : من في الجنة ، وقيل : بعضه الملائكة.
__________________
(١) رواه النسائي في الكبرى [٤ / ٤١٤] [٧٧٣٨] وابن ماجة في المقدمة [١ / ٧٢] ح [١٩٩] وأحمد [٤ / ١٨٢] وابن حبان [٢٤١٩] والحاكم في المستدرك [١ / ٥٢٥] ورواه البغوي في شرح السنة [١ / ١٥٣ ـ ١٥٤] ح [٨٨] والطبراني في الكبير [٢٢ / ٣٦٦].
(٢) رواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان [٢ / ٣٦٤] [٢١٣] وابن عدي في الكامل [١ / ٣٤٢].