أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤٨) [النساء : ٤٨].
وأما في المغفور له ؛ فلقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤٨) [النساء : ٤٨] فمن لا يشاء أن يغفر له مخصوص من عموم العباد المغفور لهم هاهنا.
فإن قيل : فما فائدة قوله : (جميعا) قلنا : يعني يغفر جميع ما سوى الشرك لمن شاء أن يغفر له ، أو جميع الذنوب حتى الشرك بالإيمان.
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (٥٦) [الزمر : ٥٦] زعم أبو عبد الله / [١٧٤ أ / م] بن حامد : أن لله ـ عزوجل ـ صفة ذاتية تسمى الجنب ، كما قال في اليد والوجه ، وهو ضعيف جدا ، لغلبة المجاز على هذه الكلمة ، إذا يقال : طمع فلان في جنب فلان وجانبه ، وخذ هذا الدرهم في جنب الله ، فإثبات صفة ذاتية بمثل ذلك لا وجه له.
(بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٥٩) [الزمر : ٥٩] احتج المعتزلة بهذا ، ووجهه أنه ـ عزوجل ـ رد على الكافر قوله :
(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٥٧) [الزمر : ٥٧] بقوله هذا ، ومعناه : قد هديتك بمجيء آياتي ، فكذبت واستكبرت ، فلو كان هو الذي أضله أو منع عنه الهدى لما اتجه هذا التكذيب حتى قال : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (٦٠) [الزمر : ٦٠] أي الذين كذبوا عليه بقولهم : ما هدانا ؛ فدل على أنه هداهم / [٣٦٢ ل] ، ولم يضلهم.
والجواب : أن الهدى مشترك بين الإرشاد و [بين] العصمة من الضلال بما يخلق في القلوب من موجبات الإيمان ، والكافر إنما أنكر الهدى بمعنى الإرشاد ، ولا شك في أنه كذب ، لأن الله ـ عزوجل ـ قطع الحجة وأوضح المحجة بالإرشاد بالكتب على ألسنة الرسل ، وإنما الذي فات الكافر هو الهدى بالمعنى الثاني ، فالله ـ عزوجل ـ هداه تكليفا ، ولم يهده تكوينا ، فلا تناقض ، وعدنا إلى قاعدة الكسب والجبر في قيام الحجة على الكافر.
(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٦٢) [الزمر : ٦٢] عام خص