لين الجلود والقلوب إلى ذكر الله ، كل ذلك بفعل الله ـ عزوجل ـ وإرادته.
(ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) [الزمر : ٢٣] أضاف هذا الهدى إليه لأنه مرتب على أسباب مخلوقة له.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٢٣) [الزمر : ٢٣] صريح في إضلاله من يشاء ؛ بأن يخلق في قلبه ضد ما خلق في قلب المهتدي.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٢٨) [الزمر : ٢٨] قيل : غير مخلوق ، وقد سبق القول فيه.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٩) [الزمر : ٢٩] هو من أدلة التوحيد ؛ وبيانه أن التوحيد أصلح للموحد ، كما أن المالك الواحد للعبد أصلح له من تعدد الملاك ؛ لأن كثرة الأرباب / [٣٦٠ ل] والملاك تتنازع الواحد ؛ فيهلك ، أو يشقى ويتعب ؛ بخلاف الرب الواحد ؛ والمالك الواحد ، إذ لا تنازع مع الوحدة وهذه المادة شبيهة بمادة (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٢٢) [الأنبياء : ٢٢].
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣٣) [الزمر : ٣٣] الآيات تنازعها الفريقان : السنة : فزعموا أنها لأبي بكر الصديق ؛ لأنه الصديق ، والشيعة [لعنهم الله] فزعموا أنها لعلي لأنه عندهم الصديق الأكبر ، وأول من أسلم.
واعترض الجمهور عليهم بأن في سياق هذا (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٥) [الزمر : ٣٥] وعلي عندكم معصوم ، لا سيئة له ؛ فليست الآية له ، فهي لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ، وأجاب الشيعة بأنا قد أثبتنا عصمة علي فيما سبق ، والعصمة لا تنافي اليسير من سوء العمل ، [بدليل : أن الأنبياء عندكم تجوز عليهم الكبائر والصغائر ، و] وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢) [الفتح : ٢].
والجواب مشترك ، والحق أن الآية ليست لواحد بعينه ، بل هي عامة لكل من اتصف بالصدق والتصديق ، بدليل ما اكتنف الآية قبلها وبعدها.