تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٤٨) [المدثر : ٤٨] / [١٨ / ل] ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١٨) [غافر : ١٨] على أن العصاة ما لم يتوبوا في دار التكليف لا تنفعهم الشفاعة ، والجمهور يخالفونهم في ذلك بما سيقع في مواضعه إن شاء الله ـ عزوجل ـ وحملوا هذه الآيات على الكفار ، وعلى هذا يكون (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) [البقرة : ٤٨] مخصوص بذوي الشفاعة في الآخرة حيث تقبل منهم وبأهل الكبائر من الموحدين حيث تقبل فيهم ، أما (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٨) [البقرة : ٤٨] أي فدية فعلى عمومه لم يخص ، إذ لا فدية هناك ولو ملء الأرض ذهبا.
قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٤٩) [البقرة : ٤٩] عام في ذلك إلا من خص كموسى ـ عليهالسلام ـ إذ سلم من الذبح ، ومن عساه قتل من النساء بسبب خاص.
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (٥٠) [البقرة : ٥٠] عام إذ لم ينقل [١٥ أ / م] أنه سلم منهم أحد ، ودل على ذلك قوله عزوجل (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) (٥٥) الزخرف : ٥٥] فأكد.
فأما قوله ـ عزوجل ـ في فرعون (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) [يونس : ٩٢].
فمعناه نلقيك على نجوة من الأرض أي : موضع عال ميتا ليعتبر بك ، ويحتمل أنه ننجيك من ابتلاع البحر لك كما ابتلع قومك فلم يظهر منهم أحد.
(فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٥٤) [البقرة : ٥٤] قومه هاهنا عام أريد به الخاص ، وهم عبدة العجل منهم ، وليس جميع قومه عبده ، وكذلك (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ٥٤] أي يقتل بعضكم