وأما أن كل (ممكن) مقدور فواضح.
الثاني : قياس البعث على إحياء الأرض بالمطر بعد موتها.
وقد سبق تقريره في الأعراف وغيرها ، فهذا دليل إمكانه ، أما وقوعه فإخبار الصادق به.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) (٢٢) [الروم : ٢٢] يحتج به على أن اللغات توقيفية ؛ لأن الألسنة هي اللغات ، وقد أضاف اختلافها إليه ، وذلك ظاهر في التوقيف ، مع احتمال أنه خلق فيهم دواعي الاصطلاح وأقدرهم عليه ، فيكون وضعها اصطلاحيا وخلقه منسوبا إليه؟
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥) [الروم : ٢٥] ذكره عقيب قوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٤) [الروم : ٢٤] فهو ما سبق من قياس الإعادة على إحياء الأرض.
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧) [الروم : ٢٧] أي عندكم ، أو هو أهون بمعنى هين ، وهذا استدلال على الإعادة بقياسها على البدء بجامع الإمكان والمقدورية ، وكونها أهون ضروري ؛ إذ إعادة الجدار المستهدم بآلاته أهون على بانيه من ابتدائه أول مرة قطعا. وكذلك قدمنا أن الجسم ينحل إلى جواهر مفردة ، كإنقاض الجدار ، ثم الله ـ عزوجل ـ يجمع تلك الجواهر ويؤلف منها الجسم فيعود كما كان. وهذا في أول سورة (ق) أبين منه هاهنا ، وسيأتي إن شاء الله ـ عزوجل.
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨) [الروم : ٢٨] من أدلة التوحيد شبيهة بآية النحل (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٧١) [النحل : ٧١].