ومنها : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢) [البقرة : ٢] وصفاتهم المذكورة بعد.
ومنها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦) [البقرة : ٦] عام في الكفار ، لكن المراد به خاص ؛ وهم الكفار الذين سبق في علم الله ـ عزوجل ـ أنه يموتون كفارا ؛ نحو : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٩١) [آل عمران : ٩١] ، (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (٩٦) [يونس : ٩٦] / [٢٢ / ل] ونحوه.
ودليل هذا التخصيص أنه ليس جميع الكفار الذين نزلت هذه الآية في زمانهم ، انتفى إيمانهم ، بل آمن بعد نزول الآية كثير منهم ؛ فلهذا قلنا : إنه أريد به التخصيص ؛ لئلا يخالف الخبر المخبر ، اللهم إلا [١١ / م] أن يكون (الذين كفروا) لقوم معهودين ؛ فلا يحتاج إلى التخصيص.
ومنها : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨) [البقرة : ٨] أي : ما لهم إيمان ، فهو نكرة في سياق النفي فتعم ، وينفي جميع أفراد الإيمان.
[فإن قيل : الإيمان] حقيقة واحدة بسيطة لا تعدد فيها حتى يلحقها العموم في النفي ، بخلاف : «لا رجل» لأجل التعدد في جنسه.
قلنا : الإيمان هو التصديق ، وهو كلي تتعدد جزئياته بتعدد متعلقاتها ؛ فمنها تصديق بالله ـ عزوجل ـ وتصديق بملائكته ، وتصديق برسله ، وتصديق بكتبه ، وتصديق باليوم الآخر ، فقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنَ النَّاسِ) [البقرة : ٨] تضمن نفي كل فرد من هذه التصديقات.
ومنها : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٩) [البقرة : ٩] أي : والمؤمنين ، إن كانوا معهودين فلا إشكال ، وإلا فهو عام في جميع المؤمنين ، فيحتمل أنه لم يخص ؛ لعموم مخادعة الكفار لهم ، ويحتمل أنه خص بقوم لم يقصد المنافقون خداعهم ؛ إما تعظيما لهم أو يأسا منهم.
ومنها : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١٤) [البقرة : ١٤] والقول فيها كالتي قبلها.