(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (١٠٩) [الكهف : ١٠٩] يستدل بها من رأى قدم القرآن ؛ لأنها اقتضت أن كلماته ـ عزوجل ـ لا تفنى ولا تنفد ، وما كان كذلك فهو قديم ، واعترض عليه بنعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار ، فإنهما لا ينفدان وهما حادثان ، وربما فرق بأن نعيم الجنة لا ينفد من طرف لا يزال وهو الأبد ، والكلمات لا تنفد من الطرفين ، لا تزال ولم تزل وهو الأزل ، وهذا الفرق عين محل النزاع.
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠) [الكهف : ١١٠] هذا حصر له في البشرية ، باعتبار من نازعه في النبوة ، وسأله الآيات عنادا ونحوهم ، وأما باعتبار نفسه من حيث هو فلا ينحصر في وصف البشرية إذ له صفات / [١٣٢ ب / م] أخر ككونه جسما ، حيا ، متحركا ، بشيرا نذيرا ، نبيا رسولا وغير ذلك ، والحصر يأتي على ضربين : مطلقا باعتبار جميع الجهات ، ومقيدا باعتبار بعضها كما في هذه الآية ، وهذه من مسائل المفهوم الحصري.
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [الكهف : ١١٠] إثبات للتوحيد (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠) [الكهف : ١١٠] يحتج به على الرؤية كما سبق.
* * *