بالقربان إلى البترك أو الراهب ، وقال. يا أبونا ، اغفر لي : بناء على أن خلافة المسيح مستمرة فيهم ، وأنهم أهل الحل والعقد في السماء والأرض ، على ما نقلوه عن المسيح ، وهو من ابتداعاتهم في الدين (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١) [التوبة : ٣١] بدليل قول المسيح : (وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٧٢) [المائدة : ٧٢].
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣٣) [التوبة : ٣٣] أي على جميع الأديان والملل بالحجة والسيف حيث انتهى حكمه. وتأول / [٢١٣ / ل] عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ هذه الآية في موت النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : إن رسول الله لم يمت ولن يموت حتى يظهر الله على الدين كله ، كما وعده ، وكان تأويلها إظهار أمته بدينه على الأمم والأديان / [٩٩ ب / م] لأن الكلمة والدعوة له صلىاللهعليهوسلم والأمة بسيفه يضربون وببركته ينتصرون ، فقد تحقق وعد الله ـ عزوجل ـ له ولو كره الكافرون.
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠].
احتج به أهل السّنّة على فضل أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ من وجوه :
أحدها : النص على ثبوت صحبته حتى قال بعض العلماء : من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر ؛ لتكذيبه النص المتواتر القاطع بإثباتها ، بخلاف من أنكر صحبة غيره لعدم ذلك ، وفيه نظر ؛ لأن غيره كعمر وعثمان وعلي وباقي العشرة ثبتت صحبتهم بالتواتر ، وهو قاطع أيضا فإنكار مدلوله كفر.
الوجه الثاني : قوله : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠] فكان له في هذه المعية اختصاص لم يشاركه فيها صحابي. وقد يقال بأن هذا التشريف حصل لجميع الصحابة