أما من اعتنى بأمر بعضهم على جهة الرحمة أو رعاية الذمة ، أو استمالتهم إلى الإسلام ، ونحو ذلك مجردا عن موالاتهم فلا بأس لقوله ـ عزوجل ـ (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٨) [الممتحنة : ٨].
قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥٥) [المائدة : ٥٥] احتجت بها الشيعة على إمامة علي بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتقرير حجتهم منها من وجوه :
أحدها : حصر وليهم في المذكور بعد الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو علي ، والولي هو الإمام ؛ لقوله عليه الصلاة والسّلام ـ : «إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي» (١) وفي حديث آخر : «وهو وليكم بعدي» (٢) حديثان مشهوران رواهما أحمد ، والمفهوم من الولي هو الرئيس المطاع أو المتصرف النافذ التصرف ، كولي اليتيم والمرأة خصوصا ، وقد قال : «وليكم بعدي» وهذه البعدية / [١٤٢ / ل] تقتضي في العرف الاستخلاف ؛ لأنهم إنما يحتاجون بعد النبي صلىاللهعليهوسلم إلى إمام يقوم مقامه بأمرهم العام.
الوجه الثاني : قوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٥٦) [المائدة : ٥٦] عام أريد به الخاص ، وهو علي عليهالسلام كقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١٧٣) [آل عمران : ١٧٣] يعني عروة بن مسعود قال لأبي سفيان ، ولأن جميع المؤمنين لما كانوا في رعاية إمامهم وحياطته وهم تابعون له وردا وصدرا ؛ جاز أن يعبر عنه بلفظهم خصوصا علي ـ رضي الله عنه ـ في شهرته
__________________
(١) صحيح رواه أحمد في مسنده [٤ / ٤٣٧] ورواه الترمذي في كتاب المناقب ح [٣٧١٢] ، [٥ / ٥٩٠ ، ٥٩١] والنسائي في الكبرى في كتاب المناقب ح [٨١٤٦] ، [٥ / ٤٥] وكتاب الخصائص ح [٨٤٥٣] ، [٥ / ١٢٦] والطيالسي [١١١] رقم [٨٣٩] أبو يعلى [١ / ٢٩٣] (٣٥٥) والطبراني في الكبير برقم (٢٦٥) ، [١٨ / ١٢٨ ـ ١٢٩] والحاكم في المستدرك [٣ / ١١٠ ـ ١١١] وأبو نعيم في الحلية [٦ / ٢٩٤].
(٢) رواه أحمد في المسند [٥ / ٣٥٦] ورواه أيضا في فضائل الصحابة [٢ / ٦٨٨] [١١٧٥].