مصيبا في ذلك كان الإجماع على جواز التيمم لعادم الماء ، فلا يكون الإجماع
حجة لجواز الخطأ فيه ، وإن كان مخطئا فالصحابة لم ينكروا عليه مخالفته للإجماع ،
فيكون إجماعهم على ترك الإنكار خطأ ، فلا يكون الإجماع [حجة لما] ذكرنا.
الثالث
: أن الإجماع :
هو اتفاق مجتهدي المؤمنين على أمر ديني ، والمؤمن من اتصف بالإيمان ، والإيمان هو
التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وبذلك فسره النبي صلىاللهعليهوسلم في حديث جبريل ـ عليهالسلام ـ المتفق عليه ، ثم إن المؤمنين المتصفين بهذا الإيمان المصدقين بهذه
الأركان ـ قد اشتهر انقسامهم إلى نيف وسبعين فرقة منهم من يرى الإجماع حجة ، ومنهم
من لا يراه ؛ كالشيعة والخوارج والنظام ، ومن تابعهم.
فإن أريد
بالإجماع سبيل المجتهدين من طوائف الأمة كلها النيف والسبعين لم ينكر وجوده ؛ لأن
بعضهم ينكر كونه حجة [فلا يمكن اعتبار موافقته في الإجماع ؛ لأن اعتباره في
الإجماع فرع على كونه يرى الإجماع حجة] ، والأصل منتف فالفرع أولى.
وإن أريد
بالإجماع سبيل المجتهدين من بعض طوائف الأمة / [١١٦ / ل] فهؤلاء بعض المؤمنين ،
والآية إنما نزلت على وجوب اتباع سبيل مجتهدي جميع المؤمنين لا سبيل مجتهدي بعضهم.
واعلم أن هذه
إشكالات صعبة على الإجماع عند من هو فاضل يدري ما يقول.
ويقال
له : ولا تظن هذا
غريبا مني ، فقد وقفت على شرح وريقات إمام الحرمين ، للشيخ الإمام الفاضل تاج
الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري ، المعروف بالفركاح الدمشقي . وقد زيف فيها أدلة الإجماع بأسرها / [٥٥ أ / م] ولم
يعتمد منها إلا على ما هو تحلة القسم. والذي يقتضيه النظر أن الإجماع أحد أدلة
الشرع كالنص والقياس ؛ وربما قدم عليه الظاهر كما قدمه ابن عباس عليه ؛ إذ قدم
ظاهر : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي
أَوْلادِكُمْ
__________________