(وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [النساء : ٢٥] أي : وصبركم عن النكاح أو عن نكاح الإماء خير لكم ، وهو عام يخص بمن خشي بتركه العنت ، فإنه يشرع في حقه وجوبا أو ندبا.
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٦) [النساء : ٢٦] قد يستشعر منه أن من قبل هذه الأمة أفضل منها إذ جعلوا كالقدوة لها وهو مناقض لما سبق من كونها خير أمة أخرجت للناس.
والجواب : أنه لا نسلم أنه يشعر بذلك ولو أشعر به لكنه محتمل ، وغيره قاطع فلا يعارضه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [النساء : ٢٩] عام مطرد ، والاستثناء بعده وهو (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) [النساء : ٢٩] منقطع فلا يكون مخصصا.
(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٢٩) [النساء : ٢٩] أي : لا تقتلوها مباشرة ، ولا / [٤٨ ب / م] تسببا فهو عام يخص في المباشرة بما إذا قال الجاني للولي : أنا أقتص لك من نفسي ؛ فرضي جاز ، ويقتل الجاني نفسه في ذلك ؛ لأن ذلك حق عليه يؤديه ، أو لأن يده كيد الولي ، وفي التسبب بكل ما تضمن مصلحة مطلوبة شرعا كالجهاد ، ونحوه مما سبق في (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥) [البقرة : ١٩٥].
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠) [النساء : ٣٠] عام مطرد ، وفي تقييده بالعدوان إشارة إلى تخصيص ما قبله إذ يدل على أن قتل الإنسان نفسه قد لا يكون عدوانا وظلما ؛ فيجوز إلا أن يحمل هذا التقييد على عادة كانت ، أو أن ذلك هو مقتضى قتل نفسه.
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١) [النساء : ٣١] فيه انقسام السيئات إلى كبائر وصغائر ، وأن اجتناب جميع الكبائر مكفر لجميع الصغائر ، واختلف في الكبائر ، فقيل : السبع المنصوص عليها (١). وهي
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الوصايا ح [٢٧٦٦] ومسلم في كتاب الإيمان ح [٨٩].