تطلب إرثها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...» وساق الحديث إلى أن قالت : «وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة فلما توفيت فاطمة ، انصرفت وجوه الناس عن عليّ ، فلما رأى عليّ انصراف وجوه الناس عنه ضرع لمصالحة أبي بكر ؛ فقال له : موعدك البيعة العشية ...» (١) الحديث متفق عليه.
وهذا نص من عائشة على / [٧٨ / ل] أن عليا بايع أبا بكر تقية.
الخامس : أن النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية محا بسم الله الرحمن الرحيم ، وكتب باسمك اللهم ، ومحا «محمد رسول الله» ، وكتب اسمه واسم أبيه ، وأعطاهم يومئذ أمورا في الظاهر ، وهو محارب عليها في الباطن ، وذلك عين التقية إذ خاف استئصال المسلمين ذلك اليوم.
السادس : قول الحسن البصري : التقية إلى يوم القيامة. ذكره البخاري في باب الإكراه ، يعني أنها باقية أو جائزة / [٣٧ ب / م] إلى يوم القيامة.
ونقلوا عن جعفر الصادق أنه قال : التقية ديني ودين آبائي.
وأما فتاوى الأئمة ، فهؤلاء الأربعة الذين هم أئمة الجمهور سوى أبي حنيفة ، يفتون بأن طلاق المكره لا يقع ، وكذلك يمينه ، وضرب مالك سبعين سوطا على أن يفتي بأن بيعة المكره تنعقد فلم يفعل.
وقالوا : من أكره على شرب الخمر أو الزنا وغيره ، فلا إثم ولا حد ، وإنما وجب القصاص على من أكره على القتل فقتل عند بعضهم ، لأنه بافتدائه نفسه بنفس المقتول خرج عن حد الإكراه إلى حد الاختيار.
على أن بعض أهل العراق قال : لا قصاص عليهما ، أعني المكره والمكره ، وأما إيقاع أبي حنيفة طلاق المكره ؛ فلأنه جعله من باب ربط الحكم بالسبب.
وبالجملة فالمكره عند أكثر الأصوليين غير مكلف لصيرورة الفعل واجبا منه بالإكراه.
وإذا ثبت هذا في الإكراه ، فهو من مادة التقية ، ولهذا استطرد البخاري دلائل التقية في باب الإكراه ، ولأن حاصل حال المكره أنه فعل ما لو لا الإكراه لم يفعله خشية الضرر ، وهو عين التقية.
وأما النظر فمن وجهين أحدهما : أن التقية ضرب من الرخصة لاستواء أحدهما ، إذ الرخصة هي استباحة المحظور مع قيام المانع ، وكذلك التقية من غير فرق ، إذ المتقي يستبيح
__________________
(١) رواه البخاري ح [٣٩١٢].