وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٨) [الأعراف : ١٥٨] ونحوه ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : «بعثت إلى الأحمر والأسود» (١) ، وذلك أنه ليس في العالم إلا أمي ، وهو من لم يؤت كتابا ولا كتابة كالعرب ، أو غير أمي ، وهو من أوتي الكتاب أو الكتابة كاليهود والنصارى والمجوس والهند واليونان والروم والفرس وغيرهم ، فعموم الدعوة يستفاد [من هاهنا كما يستفاد] من المواضع الصريحة فيه ، وهذه من مسائل النبوات.
(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (٤) [آل عمران : ٤] ، تضمنت جملا عامة لا يقف الوعيد فيها على عمومها ، بل الفرد منها يكفي في تحقيق ذلك ؛ فالكفر بآية واحدة من آيات الله ـ عزوجل ـ يوجب العذاب الأليم ، وكذلك قتل نبي واحد وقتل آمر واحد بالقسط ، وإنما / [٧٦ / ل] ذكر هذه الجمل بلفظ العموم حكاية الحال هؤلاء الكفار حيث كفروا بآيات كثيرة ، وقتلوا نبيين ، وآمرين بالقسط كثيرا ، وتشنيعا عليهم بكثرة جرائمهم. / [٣٦ ب / م].
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٢) [آل عمران : ٢٢] عام مطرد.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤) [آل عمران : ٢٤] زعمت اليهود أن النار كالبحر ، يخوضونها أربعين يوما قاطعين لها ؛ ثم يتخلصون منها إلى الجنة ، ويبقى المسلمون في النار والنصارى أبدا ، وهو من ترهات اليهود ، وأمانيهم ، فلذلك قيل لهم : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨٠) [البقرة : ٨٠].
وهذا القسم الثاني هو الحق قالوا بغير علم فضلوا وأضلوا ، وهذه من مسائل اليوم الآخر.
(فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا
__________________
(١) رواه مسلم [١ / ٣٧٠] ح [٥٢١] ورواه أحمد برقم [١٤٣٠٥].