[٦٠] (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠))
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) الكبرى (تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ) من المحجوبين الذين يسوّونه بالمخلوقات ، إذ يجسمونه ويجوّزون عليه ما يمتنع عليه من الصفات لاحتجابهم بالموادّ (وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) بارتكاب الهيئات الظلمانية ورسوخ الرذائل النفسانية في ذواتهم (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) الطبيعة الهيولانية (مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) الذين احتجبوا بصفات نفوسهم المستولية عليهم.
[٦١] (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١))
(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الرذائل بتجرّدهم عن تلك الصفات (بِمَفازَتِهِمْ) وأسباب فلاحهم من هيئات الحسنات وصور الفضائل والكمالات (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) لتجرّدهم عن الهيئات المؤلمة المنافية (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) بفوات كمالاتهم التي اقتضتها استعداداتهم.
[٦٢] (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢))
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) هو وحده يملك خزائن غيوبها وأبواب خيرها وبركتها ، يفتح لمن يشاء بأسمائه الحسنى ، إذ كل اسم من أسمائه مفتاح لخزانة من خزائن جوده لا ينفتح بابها إلا به ، فيفيض عليه ما فيها من فيض رحمته العامة والخاصة ونعمته الظاهرة والباطنة.
[٦٣] (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣))
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) أي : حجبوا عن أنوار صفاته وأفعاله بظلمات طباعهم ونفوسهم (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) الذين لا نصيب لهم من تلك الخزائن لإطفائهم النور الأصلي القابل لها ، وتضييعهم الاستعداد الفطري ، والاسم الذي يفتح به مقاليدها.
[٦٤ ـ ٦٧] (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧))
(قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) بالجهل ، فأحتجب عن فيض رحمته ونور كماله ، فأكون (مِنَ الْخاسِرِينَ) بل خصص العبادة بالله موحدا فانيا فيه عن رؤية الغير إن كنت تعبد شيئا (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) به له ، (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي : ما عرفوه حق معرفته إذ قدروه