وجاء عن عمر قوله لابن عباس : أما والله ما فعلنا عن عداوة ولكن استصغرناه وخشينا أن لا تجتمع عليه العرب وقريش لما وترها .
قال ابن عباس : فأردتُ أن أقول له : كان رسول الله يبعثه في الكتيبة فينطح كبشها فلم يستصغره ، أفتستصغره أنت وصاحبك ؟ (١)
كما أنّهم لم يرتضوا إمامة أسامة بن زيد لصغره ، وفي المقابل كانوا يؤكّدون على لزوم التمسك بسنّة الشيخين رغم مخالفة بعضها للقرآن الكريم والحديث الصحيح .
وكلّنا يعرف أنّ الخلافة زُوِيَت عن أمير المؤمنين في شورى عمر لأنّهم أرادوا إجباره على أن يعمل بسنة الشيخين ، فرفض هو وقبل عثمان .
ولو تدبّرت الخلاف الدائر بين الفريقين ـ على مرّ التاريخ ـ لعرفت بأنّه لا يقتصر على الصراع السياسي أو الكلام فيمن هو الأولى للخلافة ، بل كانت سمات الاختلاف ترجع في كثير الأحيان إلى ما اجتهده أبو بكر وعمر أو ما قاله الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في العقائد والأحكام .
وحتّى أنّ الاختلاف مع اجتهادات الشيخين يرجع إلى عدم معرفتهما لسنة رسول الله واصرار أتباع الشيخين إلى الأخذ بقولهما وإن خالف سنة رسول الله وهذا ما كان لا يقبله بعض الصحابة والتابعين .
فترى بعضَ الصحابة يقول : « لا أترك سنة أبي القاسم لقول أحد ـ ويعني به
______________________
(١) الغدير ٧ : ٣٨٩ عن المحاضرات للراغب الاصفهاني ٢ : ٢١٣ ، وقريب منه في شرح نهج البلاغة ٢ : ١٨ و ٢٠ : ١١٥ .