خلاصة واستنتاج
بهذا فقد اتضح لك أنّ السيرة العملية عند أتباع المذاهب الأربعة كان الإيتان بـ « الصلاة خير من النوم » في الصبح خاصة ، وإن كان أئمة المذاهب الأربعة لا يرتضون ذلك في كتبهم ، وقد مَرّ عليك كلام بعضهم ما يدلّ على عدم شرعيتها عندهم . بخلاف نظر الشيعة بفرقها الثلاث ، فقد اتفقت : الإمامية الاثنا عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية على جزئية « حي على خير العمل » وبدعية « الصلاة خير من النوم » ، وفي هذا الاتفاق تأكيد على تخالف النهجين في الفقه ، وكون ما تذهب إليه مدرسة الإمامة هو سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويؤيّده ما وضّحناه من كلام أئمّة المذاهب الأربعة .
إذ إنّ في كلام أبي حنيفة النعمان بن ثابت (ت ١٥٠ هـ) وتلميذه محمد بن الحسن الشيباني (ت ١٨٩ هـ) التصريح بأنّ التثويب كان بعد الأذان « الصلاة خير من النوم » ، فأحدث الناس تثويباً آخر [ حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، مرتين مرتين ] » (١) .
وقد حكى الشيباني أيضاً عن أهل الحجاز = (مكة) أنّهم كانوا يقولون « الصلاة خير من النوم » بعد فراغ المؤذن من « حي على الفلاح » ، وأنّ الأسود بن يزيد سمع مؤذناً أذّن بذلك ، فقال له : « ويحك لا تزد ! » .
______________________
(١) هذا ما حكاه الشيباني قبل قليل عن أبي حنيفة في (موطّئه) وفي كتاب (الآثار) و (الصلاة) .