وفي (النهاية) لابن الاثير : ... والأصل في التثويب أن يجيءَ الرجل مستصرخاً فيلوّح بثوبه ليُرى ويشتهر ، فسُمّي الدعاء تثويباً لذلك ، وكلُّ داعٍ مُثوّبٌ .
وقيل : إنّما سُمّي تثويباً مِن ثاب يثوب إذا رجع ، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة ، وأنّ المؤذّن إذا قال « حيَّ على الصلاة » فقد دعاهم إليها ، وإذا قال بعدها « الصلاة خير من النوم » فقد رجع إلى كلامٍ معناه المبادرة إليها (١) .
والراجح عند أغلب العلماء أنّ معنى التثويب هو الرجوع والعود للإعلام بعد الإعلام (٢) ، لا الاستغاثة ـ كما ادّعاه ابن الأثير بأنّه الأصل فيه ـ كما لا يصحّ قول الآخر : وأنّ الرجل يلوّح بثوبه عند الفزع لِيُعلِم أصحابَه ، لأنّه لو صحّ [ كونه بهذا المعنى ] لكان تسمية الأذان تثويباً أحقّ من الإقامة (٣) .
وقد قيل بأنّ التثويب هو الأذان والإقامة ؛ لأنّهما أوّل دعوة وصرخةٍ للصلاة ، وفيها تكرار التكبير والشهادتين والحيعلات ، ومعناه أنّها إعلام بعد إعلام .
اختلف العلماء في المعنيّ بالتثويب اصطلاحاً على عدة أقوال :
الأول : هو قول المؤذن في أذان الفجر خاصة « الصلاة خير من النوم » ، وهو قول ابن المبارك وأحمد والخطّابي وغيرهم (٤) . وهذا القول أشهر الأقوال وهو المعتمد عندهم .
______________________
(١) النهاية ١ : ٢٢٦ ـ باب الثاء مع الواو ، وعون المعبود ٢ : ١٧٠ ـ عن : النهاية .
(٢) أُنظر على سبيل المثال : تحفة الأحوذي ١ : ٥٠٥ ـ الباب ٣٢ ، البحر الرائق ١ : ٢٧٤ ، ٣ : ١٢٥ ، الهداية شرح البداية ١ : ٤١ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٤٦ .
(٣) أُنظر : فتح الباري لابن رجب الحنبلي ٣ : ٤٢٦ .
(٤) أُنظر : عون المعبود ٢ : ١٧٠ ـ باب في التثويب الرقم ٥٣٨ ، فتح الباري لابن حجر ٢ : ٨٦ .