بهذا الرفع والمنع ، بل سعى إلى إثبات أصول عقائدية أخرى تعارضها ، أهمّها هي خلافة أبي بكر ، وترسيخ قواعدها ، وهذا الأمر ثابت غير قابل للإنكار ؛ فإنّ ذلك يساهم مساهمة فعالة في تهميش ولاية الإمام علي تماماً ، وفي الجملة : فهذا ما حصل بالفعل كما ينطق به تراث عمر وفكر أصحابه .
فمنهج عمر في خطّه العام لا يكتفي بالرفع فقط ، بل يريد أن يؤصّل للمنهج الآخر بجنبه ، فبعد ثبوت معنى الولاية في الأذان من خلال جملة « حي على خير العمل » سعى لإبدال شعارية الحيعلة بشعارية أخرى للآخرين ، وهذا ما نلاحظه في الحكومات المتعاقبة على البلدان الاسلامية ، واتّخاذ « الصلاة النومية » شعاراً لهم مقابل « الحيعلة الثالثة » ، فهذا يضع (الصلاة خير من النوم) والآخر يرفعها ، وهكذا العكس في (حي على خير العمل) .
وكلّنا يعلم بأنّ الخلاف العقائدي كان متأصّلا بين الفريقين ، وأنّ القوم كانوا يستصغرون الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ولا يرتضونه إماماً عليهم .
حتّى جاء في كلام أبي عبيدة بن الجرّاح لعلي يوم السقيفة : يا بن العم ، إنّك حدث السن ، وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور ولا أرى أبا بكر إلّا أقوى على هذا الأمر منك وأشدّ احتمالاً واطلاعاً ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر وارض به ، فإنّك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك (١) .
______________________
(١) شرح نهج البلاغة ٢ : ٥ .