بل إنّ كلّ ما أتى به رسول الله هو الفلاح ، وفيه الفوز والنجاح ، وبذلك يكون معنى الشهادة الثانية : هلمَّ إلى اتّباع الرسول بعد طاعة الله وعبادته ، ويعني ذلك عدم جواز الاجتهاد مقابل النصّ .
أمّا الشهادة الثالثة فهي ـ مع كونها أصلاً إيمانيّاً واعتقاديّاً ـ يجب الاعتقاد بها لكنّها ليست بواجبة في الأذان ، فهي موجودة فيه كنائيّاً من خلال جملة « حيَّ على خير العمل » .
ولأجل ذلك ترى ارتباطاً وثيقاً بين القول بإمامة أمير المؤمنين علي عليهالسلام والقول بشرعية الحيعلة الثالثة ، وبين رفضهم إمامة أمير المؤمنين وقولهم بحذف الحيعلة الثالثة ، بل هناك ترابط بين حذف الحيعلة الثالثة ووضع « الصلاة خير من النوم » .
فالذي يقول بشرعية « الصلاة خير من النوم » لا يرتضي القول بالحيعلة الثالثة والعكس بالعكس ، وهذا ما وضّحناه بالأدلّة الواضحة في كتابنا « حيَّ على خير العمل » ، مؤكّدين أنّ الحكومات الشيعية جعلت « حيّ على خير العمل » الشرعيّة الواردة شعاراً لها ، والحكومات السنّية جعلت « الصلاة خير من النوم » البِدعيّة ـ حسبما سيتّضح في هذا الكتاب ـ شعاراً لها ، فصار هذا الشعار في طرفيه شعاراً سياسيّاً بعد أن كانت الحيعلة نصّاً شرعيّاً ودينيّاً على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ من بعده .
وعليه ، فالمنظومة الإيمانية في الأذان مترابطة كمال الارتباط ، وبتر أيّ فصلٍ منها يخلّ بهذه المنظومة الإيمانية ، وقد قال سبحانه : ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) .
______________________
(١) النساء : ٥٩ .